اخبار سياسية
ما بعد عين الرمانة.. لبنان يواجه مخاطر الانزلاق نحو الحرب الأهلية (2 – 6)

تاريخ الأزمة اللبنانية: من تصاعد التوترات إلى محطات الحوار السياسي
شهد لبنان في منتصف السبعينيات فترة من التصعيد الدموي والتدخلات الإقليمية، حيث تركزت الأحداث على تفاقم النزاعات الداخلية والتدخلات السورية والعربية، مع بروز محاولات لعقد تفاهمات إقليمية ومحلية بهدف احتواء الأزمة وإيجاد حلول سياسية.
حوادث وأحداث مفصلية في عام 1975
- 13 أبريل 1975: تعرض زعيم حزب “الكتائب” اللبناني، بيار الجميل، لإطلاق نار في منطقة “عين الرمَّانة”، أدى إلى مقتل أحد مرافقيه، وتبعت ذلك تصعيد في الاشتباكات بين المجموعات المسلحة.
- تصاعد الاشتباكات: اندلعت المواجهات في أماكن عدة من بيروت، خاصة حول المخيمات الفلسطينية في تل الزعتر والدكوانة، واتهامات بتورط حزب الكتائب في مجزرة عين الرمانة.
- تطورات سياسية: استقالة وزير الكتائب جورج سعادة من الحكومة، وتبعها استقالات لعدد من الوزراء المعارضين، مما أدى إلى استقالة رئيس الوزراء رشيد الصلح في 23 مايو 1975 وتعيين نور الدين الرفاعي رئيساً مؤقتاً، لكنه لم يستمر أكثر من ثلاثة أيام، مما عمق الأزمة السياسية.
- التدخل السوري: تدخلت سوريا عبر وزير خارجيتها عبد الحليم خدام، وأدت الجهود الوسيطة إلى وصول رشيد كرامي إلى رئاسة الحكومة في 30 يونيو 1975.
اللقاء الرابع في دمشق: مداولات من أجل الحل
في 17 يونيو 1975، عقد لقاء في دمشق بين حافظ الأسد وكمال جنبلاط، بهدف مناقشة سبل إنهاء الأزمة السياسية والأمنية، وسط توتر متصاعد. حضر اللقاء قيادات من الحزب التقدمي الاشتراكي، بالإضافة إلى شخصيات سورية وعربية.
محتوى المباحثات والتحليلات
- ناقش جنبلاط إصلاحات جذرية داخل الجيش اللبناني، واقترح استبدال قائده إسكندر غانم، مع التركيز على ضرورة إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية وإصلاح التوزيع الطائفي فيها.
- أشار إلى أن حزب الكتائب يمتلك أسلحة كثيفة، تصل إلى نحو 60 ألف قطعة سلاح، مدعومين من إسرائيل وأجهزة لبنانية، وأن سلاح الحزب أكثر تطوراً من سلاح الجيش اللبناني.
- أبدى الأسد انطباعاً بأن حزب الكتائب يدعي الدفاع عن المسيحيين، وأن دعم داخلي وسوري لهم يسعى لتوجيه رسالة طائفية تزرع الانقسام، مؤكدًا على أهمية تخفيف الوهم بتمثيل المسلمين للمسيحيين في لبنان.
موقف سوريا والجانب اللبناني
- ناقش جنبلاط رئيس الجمهورية سليمان فرنجية، واعتبر أن هناك تواطؤاً بينه وبين الجبهة اللبنانية المعارضة للوجود الفلسطيني، مؤيداً تسليح وتدريب حزب الكتائب.
- اقترح اصلاحات أمنية وإعادة هيكلة الجيش، مع التركيز على ضرورة وجود حكومة مستقرة في ظل الأوضاع المتوترة، ورفض تقديم أي مشاركة لصالح حزب “الكتائب” إلا بشكل مبدئي.
مناقشات أخرى ومبادرات حل
- اقترح جنبلاط تشكيل حكومة مؤقتة برئاسة شخصية عسكرية أو سياسية ذات خلفية وطنية، مع حل مجلس النواب، وإجراء انتخابات مبكرة.
- عارض الأسد بشدة فكرة حكومة تكنوقراط، مؤكداً على ضرورة وجود حكومة أمنية لضمان استقرار البلاد.
اللقاء الخامس مع الجبهة الفلسطينية
في 23 أكتوبر 1975، التقى حافظ الأسد بكمال جنبلاط من ضمن وفد من الأمانة العامة للجبهة الفلسطينية في دمشق، حيث أكد جنبلاط على أن الدماء التي سُفكت كانت من أجل تعميد عروبة لبنان، معتبراً أن الأحداث كانت جزءاً من صراع أوسع يتعلق بالقضية الفلسطينية والوطن العربي.
تحليل الوضع وإشارات عربية وإقليمية
- اعتبر الأسد أن ما يحدث في لبنان مخطط له من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف تخفيف ضغط اتفاقية سيناء، وأكد أن التدخلات الإقليمية تلعب دوراً كبيراً في تصعيد الأزمة اللبنانية.
- حذر من استخدام حزب الكتائب وربما غيره، للأحياء السكنية الإسلامية لتهييج الفتنة بين الطوائف اللبنانية، مؤكدًا على ضرورة تبني الحلول التدريجية والواقعية لتجنب التصعيد.