صحة

تحليل العلاقة بين تلوث الهواء وخطر سرطان الرئة في غير المدخنين

تأثير العوامل البيئية والأدوية التقليدية على تطور سرطان الرئة لدى غير المدخنين

أظهرت دراسة علمية حديثة أن تلوث الهواء وبعض أنواع الأدوية العشبية التقليدية، بالإضافة إلى عوامل بيئية أخرى، قد تلعب دورًا في إحداث طفرات جينية تؤدي إلى الإصابة بسرطان الرئة لدى أشخاص لم يدخنوا قط أو بالكاد دخنوا. هذه النتائج تسلط الضوء على الحاجة إلى فهم أعمق للعوامل غير التقليدية التي تساهم في انتشار هذا المرض الخطير.

ملخص الدراسة وأهميتها

قادت الدراسة، التي نُشرت في دورية “نيتشر”، مجموعة من الباحثين من جامعة كاليفورنيا والمعهد الوطني للسرطان بالتعاون مع المعاهد الوطنية للصحة الأميركية، وتعتبر من أوائل الدراسات التي تربط بشكل مباشر بين تلوث الهواء ووراثة الطفرات المسببة لسرطان الرئة لدى غير المدخنين من خلال تحليل جينوم الأورام.

التغيرات بين غير المدخنين وتزايد حالات الإصابة

  • على الرغم من انخفاض معدلات التدخين عالمياً، لوحظ ارتفاع نسب الإصابة بين غير المدخنين، خاصة بين النساء والأشخاص من أصول آسيوية، وبشكل أكبر في الدول الآسيوية مقارنةً بالغربية.
  • تُظهر النتائج أن أسباب الإصابة بهذا النوع من السرطان تتجاوز التدخين، وتعود لعوامل بيئية وجينية معقدة.

التحليل الجينومي وتحديد بصمات الطفرات

شملت الدراسة تحليل أورام 871 شخصاً لم يسبق لهم التدخين من مناطق مختلفة حول العالم، حيث أظهرت النتائج أن الأفراد من المناطق ذات التلوث العالي عانوا من زيادة في عدد الطفرات الجينية، بما في ذلك طفرات مرتبطة بمحفزات السرطان كالتدخين والتقدم في العمر.

ولم تقتصر النتائج على ذلك، بل أظهرت أن تلوث الهواء يزيد من الطفرات داخل أنماط جينية معروفة مسبقاً، وهو ما يعزز العلاقة بين البيئة والوقاية من المرض.

تأثير التلوث والمخاطر المرتبطة به

  • 99% من سكان العالم يتنفسون هواءً يتجاوز حدود معايير منظمة الصحة العالمية.
  • 2.4 مليار شخص يتعرضون لمستويات عالية من تلوث الهواء المنزلي بسبب استخدام مواقد حرق الوقود الصلب.
  • الخسائر الصحية والاقتصادية الناجمة عن التلوث تقدر بمليارات الدولارات سنويًا، ويُعد سبباً في وفاة 8.1 مليون شخص مبكرًا كل عام.
  • التلوث هو ثاني أكبر عامل خطر للوفاة المبكرة بعد ارتفاع ضغط الدم، مع تأثيرات خاصة على الأطفال والأشخاص من دول ذات دخل منخفض ومتوسط.

دور الأدوية العشبية التقليدية والمخاطر المحتملة

توصلت الدراسة إلى أن بعض الحمضات المسرطنة، خاصة حمض الأريستولوشيك الموجود في بعض الأعشاب الصينية التقليدية، وجد أنها مرتبطة بشكل خاص بحالات غير المدخنين، مع ملاحظة أن بصمة جينية محددة ظهرت بشكل رئيسي في حالات من تايوان، مما يرجح أن استنشاق هذه الأدوية قد يكون سبباً في الإصابة بسرطان الرئة.

يُذكر أن هذا هو أول ارتباط موثوق به بين حمض الأريستولوشيك وسرطان الرئة، مما يثير قلقًا صحيًا ويبرز الحاجة لتوعية أكبر حول الاستخدام الآمن للعلاجات التقليدية.

مستقبل البحث والتوصيات

سيسعى الباحثون إلى توسيع الدراسات لتشمل مناطق أوسع مثل أميركا اللاتينية والشرق الأوسط، مع التركيز على تأثيرات استخدام الماريجوانا والسجائر الإلكترونية، بالإضافة إلى العوامل البيئية الأخرى كالرادون والأسبستوس. كما يهدفون لجمع بيانات أكثر دقة عن تلوث الهواء وتأثيره على الصحة العامة.

ويؤكد الباحث لودميل ألكساندروف أن الأدلة الحالية تشير إلى أن تلوث الهواء ليس فقط مشكلة تنفسية، بل يمتد ليترك آثارًا جينية خطيرة قد تؤدي إلى السرطان، مما يتطلب مزيدًا من الإجراءات الوقائية والبحث المستمر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى