اخبار سياسية

آفاق مستقبل العلاقة بين واشنطن و”قسد” في ظل التقارب الأميركي السوري

تطورات الدعم الأمريكي في سوريا وتأثيراته السياسية والاستراتيجية

شهد المشهد السوري مؤخراً تحولات واضحة في الدعم الأمريكي لقوات المعارضة المحلية، مع تراجع ملحوظ في مخصصات الميزانية الموجهة لمساندة شركائها على الأرض. هذه التطورات ترافقت مع مؤشرات على تقارب غير مسبوق بين الولايات المتحدة وسوريا، ما يعكس تغييرات في السياسات والتوازنات الإقليمية والدولية.

تخفيض مخصصات الدعم المالي وتوجيه الرسائل السياسية

  • خفضت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” مخصصاتها المالية للشركاء المحليين في سوريا ضمن ميزانية 2026، حيث تم تخصيص 130 مليون دولار، مقابل أكثر من 147 مليون دولار في منتصف 2024.
  • على الرغم من الانخفاض، إلا أن القرار يحمل دلالات سياسية، حيث يعكس تمسك واشنطن بشركائها في محاربة تنظيم “داعش”، خاصة مع استمرار دعم قوات “قسد” و”جيش سوريا الحرة” في شمال شرق سوريا.
  • القرار يأتي في سياق إظهار رغبة واشنطن في الحفاظ على توازنات على الأرض، مع وجود إشارات إلى احتمال تخفيض التدخل العسكري التدريجي، مع بقاء التنسيق الأمني قائمًا.

الأبعاد السياسية والإشارات المرسلة من واشنطن

  • يحمل القرار رسائل متعددة، من بينها رغبة إدارة واشنطن في استمرار التعاون مع قسد، والتأكيد على أولوية مكافحة الإرهاب رغم التغيرات السياسية، خاصة بعد تعافي العلاقات بين دمشق وواشنطن.
  • كما يُنظر إلى الدعم على أنه محاولة لمنع ظهور فراغ قد يستغله تنظيم “داعش” أو غيره من الجماعات المتطرفة، مع استمرار مراقبة الوضع الأمني في مناطق متفرقة من سوريا، خاصة في محيط المخيمات والمناطق ذات الضعف الأمني.
  • في المقابل، تظهر تقارير عن نية واشنطن في حالة تقليل الالتزامات العسكرية، مع الحفاظ على عمليات أمنية وتدريبات نوعية، تؤكد وجود قوات أمريكية لا تزال متموضعة في سوريا.

ردود الفعل وتحفظات الأطراف السورية والتركية

رغم الانخفاض في المساعدات، فإن موقف دمشق يبدو حازماً، حيث ترفض الحكومة السورية دعم قسد وتعتبر أن أي تمويل لها يصب في صالح تقويتها التفاوضية، ويعرقل المساعي لدمجها في مؤسسات الدولة السورية، خاصة مع امتلاكها موارد نفطية وزراعية مهمة.

أما تركيا، فهي تعبر عن قلقها المستمر من دعم واشنطن لقسد، معتبرة إياها امتداداً لحزب العمال الكردستاني المصنف من قبلها كمنظمة إرهابية. ومع ذلك، فإن التغير في مواقف أنقرة، خاصة مع إعلان حل حزب العمال الكردستاني وبدء تسليم أسلحته، يعكس تراجعاً في حدة الاعتراضات الرسمية على المخصصات الأمريكية الجديدة.

آثار وتداعيات على السياسات الإقليمية والدولية

  • تتجه الأوضاع إلى إعادة النظر في التحالفات وترتيبات التعاون بين القوى الدولية والإقليمية، بما في ذلك مسألة دمج قوات قسد في مؤسسات الدولة السورية بشكل كامل، وهو ما رجحت مصادر مختلفة أن يسهم في تهدئة التوترات وتحقيق استقرار نسبي.
  • تظل العلاقات الأمريكية التركية متوترة بشكل خاص، إذ تحرص تركيا على عدم تفاقم الدعم الأمريكي لقوات قسد واعتبارها تهديداً لأمنها القومي، وهو ما يبقى محور قلق مستمر في المنطقة.
  • على مستوى السياسات الأمريكية، فإن الدعم المقدم يُعتبر رسالة مزدوجة، تهدف إلى ضمان استمرار مكافحة الإرهاب، مع محاولة التوازن بين المصالح الأمنية والموقف السياسي والدبلوماسي في ظل التحول السوري العام.

في النهاية، تبقى مسألة دعم الشركاء المحليين في سوريا ذات تعقيدات تتداخل فيها الأبعاد العسكرية والسياسية، مع ترقب واسع للتطورات القادمة ومدى تأثيرها على مستقبل سوريا والمنطقة بشكل عام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى