اقتصاد

مصر تستضيف رئيس وزراء الصين.. ما الذي يجعل القاهرة تعتمد على بكين؟

تطور العلاقات المصرية الصينية: رؤية استراتيجية وتحديات وفرص

في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية الراهنة، تبرز مصر كحاضنة لمبادرات التعاون الاقتصادي مع الصين، ضمن سعيها لتعزيز مكانتها الاستراتيجية وجذب الاستثمارات وتطوير قطاعات متعددة من الاقتصاد الوطني. تتجه الأنظار إلى عمق الشراكة بين البلدين، مع رسم ملامح مستقبلية تستند إلى مشاريع استثمارية هامة وفوائد متبادلة، في إطار استراتيجية طويلة الأمد لتعميق الروابط الاقتصادية والسياسية.

مستوى تنفيذ المشاريع الصينية الكبرى في مصر

  • شهدت المشاريع الصينية في مصر تقدماً ملحوظاً، حيث تشير البيانات إلى وجود أكثر من 2800 شركة صينية تستثمر بمبالغ تتجاوز 8 مليارات دولار.
  • من أبرز المشاريع في العاصمة الإدارية الجديدة، قيام شركة الإنشاءات الصينية (CSCEC) بتنفيذ منطقة الأعمال المركزية بتكلفة 3.8 مليارات دولار، مع إدارة وتشغيل المنطقة التي تضم أكثر من 14 وزارة مصرية منذ مايو 2023.
  • في قطاع النقل، تم تشغيل القطار الكهربائي الذي يربط العاصمة بالعاصمة الكبرى، باستثمار قدره 1.2 مليار دولار، بمشاركة 15 شركة صينية.
  • أما في مجال الطاقة المتجددة، فتم توقيع اتفاقيات لبناء محطات رياح بقدرة إجمالية تصل إلى 1100 ميغاواط، وتوسعات صناعية تشمل مصانع لسيارات كهربائية وإنتاج مركبات ذات تقنيات حديثة.

أهداف مصر من الاستثمارات الصينية وكيفية تحقيقها

  • تهدف مصر إلى تصدر قائمة المستثمرين الصينيين من خلال جذب استثمارات بقيمة نصف مليار دولار على الأقل خلال عام 2025، مع التركيز على القطاعات الصناعية، الزراعية، والتقنية.
  • تسعى إلى تحويل مصر إلى منصة تصديرية للشركات الصينية، خاصة مع توجه الصين لنقل بعض مصانعها خارج البلاد بسبب سياساتها لتقليل الانبعاثات الكربونية بحلول 2026.
  • تطمح إلى الاستفادة من الموقع الجغرافي لتعزيز التبادل التجاري مع أسواق أفريقيا وأوروبا، مع إمكانية تنظيم عمليات نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات المتقدمة.

التحديات التي تعرقل تعظيم الاستثمارات والتعاون الصيني في مصر

  • تواجه الاستثمارات الصينية عقبات مثل تعقيدات التمويل، والرسوم الجمركية، وصعوبة الحصول على الأراضي، بالإضافة إلى الالتزام بمواعيد تنفيذ المشاريع.
  • تتضمن المعوقات البيروقراطية، وتقلبات سعر الصرف، وتغيّر السياسات الضريبية، مع الحاجة إلى استقرار تشريعي لتعزيز ثقة المستثمرين.
  • كما تظل الروتين الإداري والمعوقات القانونية عقبة أمام سرعة التوطين والتوسع في المشروعات المشتركة.

المزايا التنافسية لمصر في جذب الاستثمارات الصينية

  • موقعها الجيوستراتيجي الذي يربط بين أفريقيا، وآسيا، وأوروبا، ومعبر قناة السويس كمركز تجارة عالمي، يجعلها نقطة عبور مهمة للمبادلات التجارية.
  • وجود قوة عاملة كبيرة ومتنوعة، مع نظام تعليمي يخرج آلاف المهندسين سنوياً، يعزز من جاذبية مصر للاستثمارات التكنولوجية والصناعية.
  • إضافةً إلى ذلك، تبنّي مصر نظام تسجيل الشركات باستخدام اليوان في التعاملات المالية، بدعم من البنك المركزي، لتسهيل العمليات التجارية مع الصين.

العوامل الجيوسياسية ودورها في توسيع التعاون

  • تسعى مصر إلى توخي الحذر في إدارة علاقاتها مع القوى الكبرى، مع استضافة منتديات دولية لتعزيز الشراكات والتوازن بين التعاون مع أمريكا والصين، لضمان مصالحها الوطنية.
  • اعتماد مصر على علاقاتها مع بكين، في إطار تنويع الشركاء وتقليل الاعتماد على التمويلات الغربية، خاصة مع التوترات التجارية بين الصين وأمريكا التي تعزز من فرص التوجه شرقا.

نقل المعرفة وتطوير التكنولوجيا

  • تمتلك مصر حالياً عددًا من الشركات التكنولوجية الصينية الكبرى ومنها “هواوي”، و”شاومي”، و”أوبو”، مع إنشاء صندوق استثماري بقيمة 300 مليون دولار يركز على الذكاء الاصطناعي وتصميم أشباه الموصلات.
  • تُخطط مصر لإنشاء قرية للذكاء الاصطناعي بالشراكة مع الصين، وتوقيع مذكرات تفاهم لإقامة مصانع للألياف الضوئية، ومراكز تدريب على التقنيات الحديثة.

مبادرات تعزيز التجارة والاستثمار المشترك

  • شهد عام 2024 زيادة في حجم التبادل التجاري ليصل إلى نحو 17 مليار دولار، مع دعوات لتسهيل الإجراءات الجمركية وتوسيع استخدام اليوان في المعاملات الثنائية.
  • تعمل مصر على تفعيل اتفاقيات التبادل بالعملات الوطنية، وتطوير البنية التحتية للنقل والخدمات المالية، بما يدعم وصول المنتجات المصرية إلى السوق الصينية بشكل أكثر فاعلية.

التحديات والأفاق المستقبلية

  • يعاني التبادل التجاري من فجوة هيكلية، حيث تعتمد مصر بشكل كبير على الصادرات من الخدمات والزراعة، مقابل واردات صينية كثيفة، مما يخلق عجزاً تجارياً مستداماً.
  • تواجه المنتجات المصرية منافسة قوية من المنتجات الصينية من حيث السعر والجودة، مع اختلاف في معايير الجودة والاشتراطات الفنية، مما يتطلب تطوير المنتجات وتحسين المعايير.
  • على الرغم من التحديات، يُعد التعاون ضمن إطار “بريكس” فرصة لفتح آفاق جديدة، وتطوير آليات للتجارة بالعملات المحلية، وتنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات البنى التحتية والطاقة المستدامة.

موقف مصر ومستقبل التعاون

تمثل مصر نقطة انطلاق مهمة للشركات الصينية إلى الأسواق الأفريقية والعربية، مع مشاريع توسعية وتسهيلات استثمارية تُعزّز من حضورها في المنطقة. وبتنمية العلاقات في إطار مبادرة “الحزام والطريق”، وتفعيل الاتفاقيات الاقتصادية، تتوقع مصر مستقبلاً زاخراً بالفرص، مع تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز التبادل التجاري والتكنولوجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى