اقتصاد

مصر تستضيف رئيس وزراء الصين..ما الأسباب التي تجعل القاهرة تعتمد على بكين؟

زيارة رئيس الوزراء الصيني إلى القاهرة وتعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين

في سياق تحركات سياسية واقتصادية دقيقة على المستويين الإقليمي والدولي، استقبلت القاهرة رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ في زيارة مهمة تحمل رسائل سياسية واقتصادية ذات بالٍ عميق. تأتي هذه الزيارة في ظل تبدلات جيوسياسية وتسريعات في المشهد الاقتصادي العالمي، إذ تواصل مصر تعميق علاقاتها مع بكين، معلنة أن الاعتماد على الصين أصبح توجهاً استراتيجياً لا يُنظر إليه كخيار هامشي.

ما الذي يدفع القاهرة لتعزيز علاقاتها مع بكين؟

  • تطوير المشاريع المعلنة وتنفيذها بسرعة عالية، خاصة في قطاعات الإنشاءات والنقل والطاقة المتجددة.
  • استقطاب استثمارات صينية قياسية، حيث تعمل مصر على جذب استثمارات جديدة بقيمة لا تقل عن 500 مليون دولار خلال عام 2025.
  • الاستفادة من الموقع الجيوسياسي المتميز، الذي يجعل مصر محوراً مهمًا بين أفريقيا وآسيا وأوروبا، مع تعزيز خطط التصدير والأسواق الأفريقية والأوروبية.

تقدم المشاريع الصينية في مصر

شهدت مشاريع التعاون مع الصين تقدماً ملموساً على مختلف الأصعدة، من أبرزها:

  • بناء المنطقة المركزية للأعمال في العاصمة الإدارية الجديدة بتكلفة تصل إلى 3.8 مليارات دولار، وتشغيلها وإدارتها على المدى الطويل.
  • تطوير منظومة النقل من خلال تشغيل القطار الكهربائي الذي يربط العاصمة الإدارية بالقاهرة الكبرى، باستثمار 1.2 مليار دولار ويشارك فيه 15 شركة صينية.
  • مشاريع الطاقة المتجددة، حيث وقعت شركة “سويس” اتفاقية مع شركة “باور كونستراكشن” لبناء محطة رياح بقدرة 1100 ميغاواط في خليج السويس.
  • المشروعات الصناعية، مثل مصنع شركة “جيلي” لإنتاج السيارات بطاقة إنتاجية تصل إلى 30 ألف سيارة سنوياً، بالإضافة إلى إنشاء مصنع للسيارات الكهربائية بالتعاون مع شركة “بكين أوتوموتيف”.

طموحات مصر من الاستثمارات الصينية

  • رفع ترتيب الصين من المرتبة العاشرة حالياً إلى واحدة من أكبر المستثمرين في مصر ضمن خطة طموحة لجذب استثمارات تتجاوز نصف مليار دولار خلال العام المقبل.
  • التركيز على جذب الاستثمارات المباشرة، خاصة في القطاعات الصناعية والزراعية، لدعم الناتج القومي وخطط التصدير.
  • الاستفادة من التحول الاستراتيجي للصين بانتقال بعض المصانع خارج البلاد، وتحويل مصر إلى منصة تصدير للشركات الصينية إلى الأسواق الأفريقية والعربية والأوروبية.

التحديات والمعوقات التي تواجه التعاون الصيني في مصر

  • مشاكل التمويل، والرسوم الجمركية المعقدة، وصعوبة الحصول على الأراضي
  • المواعيد المحددة وأهمية التزام الشركات بسرعة التنفيذ لتجنب التأخيرات.
  • البيروقراطية، وتقلبات سعر الصرف، والتغيرات السريعة في النظام الضريبي، مما يتطلب استقراراً تشريعياً لمزيد من الاستثمارات.

العوامل التنافسية لمصر لجذب الاستثمارات الصينية

  • الموقع الجيوسياسي المريح، مع وجود قناة السويس التي تعتبر نقطة عبور استراتيجية للتجارة بين الصين وأوروبا.
  • وجود قوة عاملة متنوعة ومتخصصة، مع نظام تعليمي يخرج آلاف المهندسين سنوياً.
  • تسهيلات جديدة، مثل إعطاء الشركات الصينية حق تسجيل التعاملات باستخدام اليوان ودعم البنك المركزي للمبادرات المالية المشتركة.

دور العوامل الجيوسياسية وردود أفعال البلدين

  • مصر تسعى لموازنة علاقاتها، مع استقبالها لمنتدى قادة السياسات الأميركي وافتتاح مناطق صناعية أميركية، ضمن استراتيجية تنويع الشركاء وتقليل الاعتماد على الغرب.
  • وفي الوقت ذاته، تعزز مصر علاقاتها مع بكين كجزء من توجهها نحو تقليل الاعتماد على التمويلات الغربية، خاصة وسط التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين عالميين.

نقل التكنولوجيا والتعاون في التكنولوجيات المتقدمة

  • احتضان مصر لشركات تكنولوجية صينية مثل هواوي وشاومي وأوبو، بالإضافة إلى إنشاء صندوق استثماري بقيمة 300 مليون دولار يركز على الذكاء الاصطناعي وتصميم أشباه الموصلات.
  • السعي لإنشاء قرية للذكاء الاصطناعي، وإقامة مصانع للألياف الضوئية ومراكز تدريب متخصصة.

تعزيز التجارة والتفاهم بين البلدين

  • حجم التبادل التجاري يقترب من 17 مليار دولار في 2024، مع توقعات بزيادة مستمرة، مع ضرورة تبسيط الإجراءات الجمركية وتوسيع استخدام العملة المحلية في المعاملات الثنائية.
  • تقليل الاعتماد على الدولار وتعزيز التبادل التجاري بالعملات المحلية، وإنشاء خطوط طيران مباشرة لدعم السياحة والتبادل التجاري.

العوائق والتحديات في التجارة الثنائية

  • اختلال التوازن في الهيكل الاقتصادي، حيث تعتمد مصر على الخدمات والزراعة، بينما تعتمد الصين على التصنيع، مما يؤدي إلى عجز مستمر في الميزان التجاري.
  • تحديات من ناحية الجودة، والمعايير، والإجراءات، وتأثير تقلبات سعر الصرف على العمليات التجارية.

عضوية مصر والصين في مجموعة بريكس ودورها في تعزيز العلاقات

  • تتيح لمصر توسيع التعاون في إطار تجمع كبير يشمل العديد من الأسواق، مع أنظمة لتسهيل التجارة بالعملات المحلية، وتقليل الاعتماد على الدولار.
  • فرص كبيرة لتصدير المنتجات المصرية، خاصة في المنسوجات والفواكه، مع تحسين الوصول إلى الأسواق الصينية.
  • دعم اجتماعي وسياسي يعزز من التعاون الاقتصادي والاستثماري، وافتتاح فروع للبنوك المصرية في الصين، وتسريع عمليات التبادل التجارى.

ختاماً

تسعى مصر لتعزيز علاقاتها مع الصين عبر تنفيذ مشاريع مشتركة واستثمارات استراتيجية، رغم التحديات، في مسعى لتطوير شراكة قوية تعكس موقع مصر الجيوسياسي، وتطلعاتها التنموية، واستفادة البلدين من التغيرات الإقليمية والدولية لتعزيز مصالحهما المشتركة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى