اقتصاد
لماذا يبتعد العرب عن مفاوضات الرسوم الجمركية مع ترمب؟

تداعيات الرسوم الجمركية الجديدة على الدول العربية وفرص التفاوض
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن فرض دفعة جديدة من الرسوم الجمركية التي ستسري بدءًا من الأول من أغسطس، وتستهدف عدة دول، من بينها بعض الدول العربية. وعلى الرغم من هذه التطورات، لم تتخذ أي دولة عربية خطوات رسمية حتى الآن للتفاوض مع إدارة واشنطن لتخفيف أو إلغاء هذه الضرائب، مما يثير تساؤلات عن أسباب ذلك المستقبلية وتأثيراتها الاقتصادية.
نطاق الرسوم المتبادلة والأكثر تضرراً
- فرض ترمب رسوماً متبادلة بنسبة 30% على العراق، الجزائر، وليبيا، و25% على تونس.
- تفاوتت نسب التعريفات على باقي الدول العربية، مع حد أدنى يبلغ 10%، ويشمل ذلك السعودية، مصر، والإمارات، فيما يمثّل الأردن وسوريا أعلى نسبة برصيد 20% و41% على التوالي.
- تحذر الأمم المتحدة من أن تلك الرسوم قد تؤدي إلى تراجع كبير في الصادرات غير النفطية للدول العربية إلى السوق الأميركية، التي تُقدّر بقيمة 22 مليار دولار، مع تداعيات تهدد بشكل خاص البحرين، مصر، الأردن، لبنان، المغرب، وتونس.
- الأردن يعد من أكثر الدول تضرراً، إذ تعتمد صادراته إلى أميركا بنسبة تصل إلى 25%، مما يعرض اقتصاده لمخاطر كبيرة.
- فيما تعاني الإمارات والبحرين من تحديات تتعلق بقدراتهما على الحفاظ على سوق إعادة التصدير والإنتاج في ظل الرسوم المرتفعة على بعض السلع.
حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والولايات المتحدة
- انخفضت الصادرات العربية إلى أميركا من 91 مليار دولار عام 2013 إلى حوالي 48 مليار دولار عام 2024، وهو تراجع يعود بشكل رئيسي لتراجع واردات النفط الأميركية.
- على الرغم من ذلك، ارتفعت الصادرات غير النفطية من المنطقة من 14 مليار دولار إلى 22 مليار دولار، مما يوضح تنوعًا اقتصاديًا متزايدًا قد يتأثر بالسياسات الحمائية الجديدة.
- التبادل التجاري بين السعودية والولايات المتحدة بلغ 32.5 مليار دولار عام 2024، مع صادرات بقيمة 12.8 مليار دولار وواردات بقيمة 19.7 مليار دولار.
- من ناحية أخرى، مثلت دول الخليج حوالي 54% من حجم التبادل بين أميركا ومنطقة الشرق الأوسط خلال الربع الأول من عام 2025.
غياب التفاوض العربي وأسباب ذلك
- رغم التحذيرات، قلة من الدول العربية تتحرك نحو التفاوض، وذلك بسبب نسب الرسوم المنخفضة في معظمها، والاتفاقيات التجارية التي تقلل من الأثر أو ضعف حجم الصادرات إلى السوق الأميركية.
- وفي الإمارات، جرت مناقشات غير رسمية مع واشنطن لتخفيف الرسوم على بعض السلع، لكن لم يُعلَن عن أي تفاوض رسمي حتى الآن.
- أما مصر، فتركز على تعديل اتفاقية “الكويز” التي تعفي نصف صادراتها من الجمارك الأميركية، وتؤكد على تنويع مصادرها التجارية.
- وفي المغرب، ترى الجهات المعنية أن الرسوم الحالية لا تستدعي تدخلات تفاوضية، مفضلين معالجة العجز التجاري عبر أدوات طويلة الأجل.
- أما العراق، فقد أشار مسؤولون إلى محدودية علاقاته الحالية مع السوق الأميركية، حيث يركز على تصدير النفط الذي لا يخضع لهذه الرسوم.
- وفي البحرين، يوصف أن الرسوم الأميركية منخفضة، وأن الدخول في مفاوضات غير مجدٍ، خاصة في ظل اتفاقيات تجارة حرة سابقة لم تمنع تجاوزات إدارة ترمب للنظام التجاري الدولي.
الدول العربية التي قد تستفيد أو تتضرر من الرسوم
- بعض الدول، مثل مصر والمغرب، قد تجد في الرسوم فرصة لدخول أسواق أوروبا وأميركا بشكل أكبر، خاصة عبر نقل المصانع أو تعزيز الصناعات التحويلية.
- كما أن دول الخليج، التي تتطور في قطاعات غير نفطية كصناعة السيارات الكهربائية، قد تستفيد من إعادة توجيه الاستثمارات وتوسيع قدراتها التصديرية.
التوقعات المستقبلية وردود الفعل على التحذيرات
- قد تتجه إدارة ترمب لفرض رسوم تصل إلى 30% على الصادرات العربية التي حذر منها، خاصة إذا لم تتخذ هذه الدول خطط تفاوضية أو تقدم تنازلات.
- قرار تمديد المهلة حتى أغسطس، مع رفع سقف الرسوم إلى 70%، يعكس توقعات بمزيد من التصعيد، مع احتمالية استمرار بعض الدول في الاعتماد على أدوات دبلوماسية أو عدم التفاوض لخفض الأثر، خاصة إذا كانت تداعيات الرسوم على اقتصاداتها غير حاسمة.
- التحركات الخليجية، مثل تعهدات استثمارية ضخمة خلال جولة ترمب الإقليمية، قد تخفف من الحاجة إلى تفاوض مباشر بشأن الرسوم في المرحلة الحالية.
في النهاية، يظل الوضع مرهونًا بردود أفعال الدول ومدى قدرتها على التكيف مع هذه التحديات، مع ضرورة مراقبة التطورات التي قد تؤدي إلى تغييرات جوهرية في مواقفها واستراتيجياتها الاقتصادية.