العلاقة بين تلوث الهواء وخطر سرطان الرئة بين غير المدخنين

دراسة جديدة تكشف تأثيرات بيئية على تطور سرطان الرئة غير المدخنين
أظهرت دراسة علمية حديثة أن تلوث الهواء، وبعض الأدوية العشبية التقليدية، بالإضافة إلى عوامل بيئية أخرى، قد تساهم في حدوث طفرات جينية ترتبط بالإصابة بسرطان الرئة لدى أشخاص لم يسبق لهم التدخين أو قليل التدخين. تأتي هذه الدراسة في إطار جهود الباحثين لفهم الأسباب التي تؤدي إلى زيادة حالات سرطان الرئة بين غير المدخنين، خاصة بعد انخفاض معدلات التدخين على مستوى العالم.
تفاصيل الدراسة وأهم نتائجها
قادت الدراسة، المنشورة في مجلة “نيتشر”، مجموعة من الباحثين من جامعة كاليفورنيا بالتعاون مع المعهد الوطني للسرطان الأميركي، حيث تعتبر من أوائل الدراسات التي تقدم أدلة جينومية مباشرة على علاقة تلوث الهواء بسرطان الرئة لدى غير المدخنين. فبينما ارتبط سرطان الرئة سابقًا بالتدخين، لوحظ تصاعد الحالات بين غير المدخنين، خاصة النساء وأهالي آسيا، مع زيادة ملحوظة في المناطق الآسيوية مقارنةً بالغربية.
تحليل الطفرات والجينات
- استخدم الباحثون عينات من أورام الرئة لدى 871 شخصًا غير مدخن، يقيمون في مناطق متعددة حول العالم، من أفريقيا إلى آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية.
- تم تحليل الجينوم الكامل للأورام، حيث أظهرت النتائج أنماطًا من الطفرات، تعرف بـ”بصمات الطفرات”، والتي تعكس التعرض لمحفزات جينية مثل تلوث الهواء.
- تبيّن أن سكان المناطق ذات التلوث العالي أظهروا زيادة في عدد الطفرات، خاصة تلك المرتبطة بالتدخين والتقدم في العمر، مع زيادة تصل إلى 3.9 أضعاف في البصمة الجينية المرتبطة بالتدخين و76% في البصمة المرتبطة بالشيخوخة.
- ومع ذلك، أكد الباحثون أن تلوث الهواء لا يترك بصمة فريدة، بل يعزز من حدوث الطفرات ضمن أنماط معروفة مسبقًا.
التأثير التراكمي وتغيرات أخرى
وثقت الدراسة علاقة طردية بين مستوى تلوث الهواء وعدد الطفرات في الأورام، حيث كانت التيلوميرات – الأغطية الواقية على أطراف الكروموسومات – أقصر، مما يعكس تسارع شيخوخة الخلايا وتأثيرات بيئية طويلة الأمد.
الجهود العلمية والتحديات
- لم تظهر الدراسة علاقة قوية بين التدخين السلبي وسرطان الرئة بشكل جيني، حيث لوحظت زيادة بسيطة في الطفرات فقط، مع قصر التيلوميرات.
- كما اكتشفت البحوث بصمة جينية مرتبطة بحمض الأريستولوشيك، وهو مادة مسرطنة موجودة في بعض الأعشاب التقليدية الصينية، مما يثير مخاوف صحية جديدة بشأن العلاجات التقليدية خاصة في آسيا.
- حُددت بصمة جينية جديدة ظهرت في معظم الحالات غير المدخنة، لكن مصدرها غير معروف بعد، مما يفتح مجالاً للدراسات القادمة لفهم أسباب هذا الارتباط بشكل أعمق.
تطلعات وأهداف المستقبل
يخطط الباحثون لتوسيع نطاق الدراسة لتشمل مناطق إضافية مثل أميركا اللاتينية والشرق الأوسط، مع التركيز على تأثيرات المحتملة للماريجوانا والسجائر الإلكترونية، بالإضافة إلى بحث تأثيرات مواد بيئية أخرى مثل الرادون والأسبستوس، وجمع بيانات أكثر دقة عن جودة الهواء في المناطق المختلفة.
ملاحظات مهمة وإحصائيات
- 99% من سكان العالم يتنفسون هواءً يتجاوز معايير منظمة الصحة العالمية.
- 2.4 مليار شخص يتعرضون لمستويات خطيرة من التلوث المنزلي الناتج عن استخدام مواقد حرق الوقود الصلب.
- التكاليف الصحية العالمية الناتجة عن التلوث تصل إلى 6 تريليونات دولار سنوياً.
- 2.1 مليون وفاة مبكرة سنوياً سببها تلوث الهواء.
- أكثر من مليار يوم عمل مفقود سنوياً بسبب التلوث البيئي.
- أقل من ثلث دول العالم تمتلك شبكات فعالة لمراقبة جودة الهواء وإدارته.
- تعتبر أسباب تلوث الهواء ثاني أكبر عامل مسبب للوفيات المبكرة عالمياً بعد ارتفاع ضغط الدم.
- هناك أكثر من 700 ألف حالة وفاة بين الأطفال تحت سن الخامسة مرتبطة بالتلوث الهوائي.
الختام والتوصيات
أشار الباحثون إلى أن قياس أثر التدخين السلبي على الصحة العامة يتسم بصعوبة بسبب تفاوت مستويات التعرض وتباعد المسافة بين الأفراد والمصدر الملوث. كما أن وجود بصمة جينية مرتبطة بمادة الأريستولوشيك يسلط الضوء على ضرورة مراجعة السلامة الصحية للممارسات التقليدية في بعض المناطق. وتؤكد النتائج أهمية تحسين جودة الهواء وتطوير استراتيجيات فعالة للحد من التلوث، لحماية الصحة العامة وتقليل معدلات الإصابة بسرطان الرئة بين غير المدخنين.