اقتصاد
مصر تستضيف رئيس وزراء الصين.. ما الذي يجعل القاهرة تعتمد على بكين؟

العلاقات المصرية الصينية: تطور استراتيجي يركز على الشراكة والتوسع
تتجه الأنظار بشكل متزايد إلى العلاقات المصرية الصينية، والتي تشهد نمواً ملحوظاً في مختلف القطاعات، مع التركيز على آفاق التعاون المستقبلي والاستثمارات المتبادلة. تأتي هذه التطورات في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية عالمية، تسعى فيها مصر إلى تحقيق مكاسب استراتيجية من خلال تعميق علاقاتها مع ثاني أكبر اقتصاد عالمي، بهدف تعزيز مكانتها الاقتصادية وتوسيع قاعدة مستثمريها.
تنفيذ المشاريع الصينية الكبرى في مصر
- تقدم ملحوظ في تنفيذ المشاريع الاستثمارية، منها إنشاء منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية بتكلفة تتجاوز 3.8 مليار دولار، وإدارة المنطقة من قبل شركة حكومية صينية.
- إطلاق قطار كهربائي يربط العاصمة الإدارية بالقاهرة الكبرى، باستثمار يقارب 1.2 مليار دولار ويشمل مشاركة 15 شركة صينية.
- مبادرات في قطاع الطاقة المتجددة، مثل بناء محطة رياح بقدرة 1100 ميغاواط في خليج السويس برمجيات صينية.
- مصانع في القطاع الصناعي، مثل مصنع جيلي لإنتاج السيارات بطاقة 30 ألف سيارة سنوياً، وشراكات لإنشاء مصانع سيارات كهربائية تتوقع إنتاج 50 ألف سيارة بحلول 2030.
محددات توجه مصر نحو الاستثمارات الصينية
- سعي مصر إلى تصدر قائمة الشركاء الاستراتيجيين للصين من المرتبة العاشرة إلى واحدة من الخمسة الأوائل، مع استهداف جذب استثمارات بقيمة نصف مليار دولار خلال عام 2025.
- تركيز على استقطاب استثمارات مباشرة لدعم القطاعات الصناعية والزراعية، وتوطين التكنولوجيا، وتحقيق قيمة مضافة عالية.
- مبادرات لتحويل مصر إلى منصة تصدير للشركات الصينية إلى الأسواق الأفريقية والأوروبية والعربية، خاصة في سياق التحول الصيني بعيداً عن مواقعه التقليدية بسبب التزامات خفض الانبعاثات الكربونية.
التحديات والعقبات التي تواجه الشراكة المصرية الصينية
- صعوبة الوصول إلى التمويل، وتعقيدات الرسوم الجمركية، وإجراءات الحصول على الأراضي.
- مشاكل بيروقراطية وسعر الصرف والتغيرات السريعة في السياسات الضريبية، الأمر الذي يسبب تحديات أمام بيئة الأعمال.
- تباين المعايير في الجودة والسلامة، وتكاليف الإجراءات الطويلة التي تقلل من القدرة التنافسية للسلع المصرية.
الميزات التنافسية لمصر في جذب الاستثمارات
- موقع جيوسياسي استراتيجي يربط بين أفريقيا وآسيا وأوروبا، مع وجود قناة السويس كنقطة عبور حيوية للتجارة الدولية.
- قوة عاملة متنوعة ومتخصصة، خاصة في مجالات الهندسة والتكنولوجيا، مع نظام تعليمي قوي يدعم الصناعات المختلفة.
- مرونة التعامل المالي، حيث تسمح مصر حالياً باستخدام اليوان في التعاملات التجارية بدعم من البنك المركزي.
العوامل الجيوسياسية ودورها في تعزيز التعاون
- مصر تعمل على موازنة علاقاتها الدولية، مع استضافة منتديات دولية لتعزيز التعاون مع شركائها بين الولايات المتحدة والصين.
- توجيه الاستثمارات نحو تقليل الاعتماد على التمويلات الغربية وتعزيز العلاقات مع بكين، خاصة مع التوترات التجارية بين القوى الكبرى.
نقل التكنولوجيا وتعزيز المعرفة
- تواجد شركات تكنولوجية صينية كبرى مثل هواوي وشاومي، وتأسيس صناديق استثمارية بتوجيه لتطوير البرمجيات والذكاء الاصطناعي.
- مشاريع مشتركة لإنشاء مراكز تدريب وتكنولوجيا، مع توقيع مذكرات تفاهم لإنشاء مصانع أشباه الموصلات وألياف بصرية.
دور التعاون التجاري بين البلدين والمطلوبات المستقبلية
- تحقيق زيادة في حجم التبادل التجاري، حيث يبلغ حالياً حوالي 17 مليار دولار، مع الحاجة لتبسيط الإجراءات الجمركية وتوسيع استخدام العملات الوطنية في المعاملات.
- تطوير بنيات النقل، مثل تدشين خطوط طيران مباشرة، وتسهيل دخول المنتجات ذات القيمة المضافة للسوق الصينية.
- مزيد من التسهيلات والإجراءات لتذليل التحديات الجمركية والتقنية، مع تعزيز الشراكات الصناعية والتجارية لتحقيق استدامة التعاون.
مستقبل العلاقات في إطار عضوية مصر والصين في “بريكس”
- توسيع التعاون الاقتصادي من خلال آليات جديدة لنقل التكنولوجيا وتطوير البنى التحتية ضمن تجمع “بريكس”.
- الانتقال إلى نظام مدفوعات موحد باستخدام العملات المحلية، مما يقلل من الاعتماد على الدولار ويقلل التكاليف المالية.
- فتح آفاق جديدة لتصدير المنتجات المصرية، وتعزيز الاستثمارات في القطاعات الحيوية، خاصة في مجال الصناعات التحويلية والزراعية.
- الاستفادة من آليات التمويل الجديدة، مثل بنك التنمية التابع لـ”بريكس”، لتمويل مشاريع البنية التحتية والطاقة المتجددة.
ختام
تُعطي العلاقات المصرية الصينية نمطاً من الشراكة الاستراتيجية القادرة على دعم التنمية المستدامة والتوسع الاقتصادي، مع مواجهة التحديات عبر تبني إجراءات مرنة وتطوير بيئة استثمارية قادرة على استقطاب أكبر قدر من الاستثمارات والتكنولوجيا، بما يعزز مكانة مصر كمحور رئيسي في شبكة التجارة والاستثمار الدولية.