صحة

نجاح زرع “كلَى الخنازير” في البشر: أصبح أقرب مما نتصور

تقدم علمي جديد في فهم التفاعل المناعي بين الخلايا البشرية وأنسجة الخنازير المعدلة وراثياً

تمكن باحثون من رسم خرائط تفصيلية لكيفية تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى المزروعة من خنازير معدلة وراثياً، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئي مكاني متقدمة. هذا البحث يفتح آفاقاً جديدة في تطوير علاجات زراعة الأعضاء وتحقيق استقرارها ونجاحها على المدى الطويل.

الاستجابة المناعية وخطوط التفاعل الدقيقة

  • حدد الباحثون استجابة الجهاز المناعي للأنسجة المزروعة بدقة عالية، مع التركيز على علامات جزيئية مبكرة للرفض.
  • تبين أن علامات الرفض تظهر بشكل مبكر جداً، حيث بلغت ذروتها بعد 33 يوماً من الزرع، مما يتيح فرصة للتدخل العلاجي في النافذة الزمنية الحاسمة.
  • تمت متابعة الاستجابات على مدى 61 يوماً، مما مكن من تحديد فترة علاجية يمكن خلالها إحباط التفاعل المناعي الضار وتحسين فرص نجاح الزرع.

آليات رفض الأعضاء المزروعة والطرق الحديثة لفهمها

  • الرفض بوساطة الخلايا التائية هو أحد آليات الدفاع الرئيسية التي تتعرف على الأنسجة الغريبة وتسبب تلفها، حيث تتسلل الخلايا المناعية وتتفاعل مع المستضدات على سطح العضو المزروع.
  • الرفض بوساطة الأجسام المضادة يتضمن تكوين أجسام تهاجم المستضدات وتؤدي إلى تلف الأوعية الدموية في الأنسجة المزروعة، ما يهدد استقرار العضو.
  • دراسة التفاعل بين جهاز المناعة والأنسجة المزروعة تساهم حالياً في تصميم استراتيجيات موجهة لتقليل فرص الرفض.

السياق العالمي والنقص الحاد في الأعضاء البشرية

تشير التقديرات إلى أن ملايين المرضى حول العالم يعانون من نقص حاد في الأعضاء المنقذة للحياة، مع تزايد الطلب على عمليات الزرع، خاصة الكلى. ففي الولايات المتحدة، ينتظر أكثر من 100 ألف شخص عملية زرع، وغالبية هؤلاء يعانون من أمراض في الكلى.

  • رغم زيادة عمليات الزرع في عام 2024، إلا أن الفجوة بين العرض والطلب لا تزال كبيرة، وتؤدي الوفيات إلى خسائر بشرية فادحة أثناء انتظار الأعضاء.
  • وفي السياق العالمي، أُجريت حوالي 172 ألف عملية زراعة في 2023، بينما الحاجة الفعلية أكبر بكثير.

التقدم العلمي في زراعة أعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً

بدأت أولى التجارب السريرية بزراعة كلى من خنازير معدلة وراثياً في الإنسان، حيث تم زراعة الكلية لأول مرة في مارس 2024، وظهرت وظائفها بشكل جيد لمدة تجاوزت الشهرين، مع تأكيد أن أسباب وفاة المرضى لم تكن مرتبطة بشكل مباشر بالرفض المناعي.

وفي نوفمبر من نفس العام، تلقت امرأة أخرى كلية من خنزير معدل وراثياً واحتفظت بوظيفتها لمدة أكثر من 130 يوماً، مما يعكس إمكانية نجاح هذه التقنية على المدى الطويل.

التفاعل المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة من خنازير معدلة وراثياً

  • توفر الدراسة الجديدة أدق خريطة للتفاعل المناعي بين الإنسان والأنسجة المزروعة، مع التركيز على أنماط تعبير الجينات وسلوك الخلايا المناعية.
  • اكتُشفت أن الخلايا البلعمية الكبيرة، خاصة الماكروفاج والخلايا النخاعية، تلعب دوراً رئيسياً في عمليات التفاعل والرفض.
  • يمكن من خلال فهم هذه العمليات تطوير بروتوكولات علاجية موجهة تقلل من التفاعل المناعي الضار وتزيد من استقرار الأعضاء المزروعة.

التحديات العالمية والنظرة المستقبلية

على الرغم من التقدم التكنولوجي، لا يزال هناك نقص كبير في الأعضاء البشرية، ويؤدي ذلك إلى وفيات مستمرة بين المرضى على قوائم الانتظار. إلا أن زراعة الأعضاء من خنازير معدلة وراثياً تُمثل حلاً واعداً لهذه الأزمة، مع تقدم الأبحاث نحو تحديث وتطوير بروتوكولات علاجية أكثر دقة وفاعلية.

يأمل الباحثون أن يتم الاعتماد على زراعة الأعضاء من الخنازير بشكل روتيني خلال العقد المقبل، مما يغير معالم علاج زراعة الأعضاء ويعيد الأمل للعديد من المرضى حول العالم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى