نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يقترب أكثر مما كنا نعتقد

رسم خرائط للاستجابة المناعية في زراعة الأعضاء من الخنازير وتحقيق تقدم في معالجة رفض الأعضاء
نجح باحثون مؤخراً في إنشاء خرائط تفصيلية لكيفية تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى الخنزيرية المزروعة، مما يمثل خطوة مهمة نحو تحسين عمليات زرع الأعضاء وتقليل مخاطر الرفض المناعي. باستخدام تقنيات تصوير جزيئي متطورة، تمكن الفريق من تحديد استجابات المناعة بشكل دقيق، مما يفتح آفاقاً جديدة لعلاج فعال وأمان لمرضى يحتاجون إلى عمليات زراعة الأعضاء.
الاستجابة المناعية وعملية رفض الأعضاء
تحدث عملية رفض الأعضاء عندما يتعرف الجهاز المناعي للمريض على العضو المزروع على أنه غريب، فيشن هجومًا هدفه تدميره. وتتم العملية عبر آليتين رئيسيتين:
- الرفض بواسطة الخلايا التائية: حيث تتعرف الخلايا اللمفاوية التائية على المستضدات الغريبة على سطح العضو، وتهاجمه لمسح الأنسجة.
- الرفض بواسطة الأجسام المضادة: حيث تتشكل أجسام مضادة ضد مستضدات العضو، فتلتصق بالأوعية الدموية وتؤدي إلى تلف العملي.
تقدم الدراسة وفهم التفاعلات المناعية
توفر الدراسة الجديدة أدق تصور حتى الآن لتفاعل الجهاز المناعي مع الأعضاء المزروعة من الخنازير، حيث كشفت عن أنماط تعبير الجينات وسلوك الخلايا المناعية، وخاصة خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية، التي كانت الأكثر انتشارًا، مما يدل على دورها المركزي في عمليات الرفض. كما أظهرت النتائج أن تدخلات علاجية مستهدفة يمكنها خفض مستويات تلك الخلايا، وتقليل المخاطر، وتوسيع نافذة العلاج لإطالة عمر العضو المزروع.
التحديات العالمية والنقص في الأعضاء
لا تزال أزمة نقص الأعضاء البشرية تمثل تحديًا إنسانيًا كبيرًا، مع وجود أكثر من 100 ألف مريض في الولايات المتحدة ينتظرون عمليات زرع، وغالبيتهم يتطلبون زراعة كلية. على الرغم من زيادة النشاط في عمليات الزرع، فإن الفجوة بين الطلب والعرض لا تزال واسعة، ويُعد استخدام الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً حلاً واعداً لسد تلك الفجوة.
التقدم في عمليات الزرع من الخنازير المعدلة وراثيًا
في مارس 2024، أجرى رجل يبلغ من العمر 62 عاماً أول عملية زرع كلية من خنزير معدل وراثياً في مستشفى ماساتشوستس، حيث أظهرت الكلية وظيفة جيدة لمدة شهرين قبل وفاته، مما شكل دليلاً على إمكانية الحفاظ على وظيفة دائمة للأعضاء المعدلة بدون رفض حاد. وفي نوفمبر من العام ذاته، تلقت امرأة أخرى كلية خنزير معدل وراثياً واستمرت في العمل لمدة 130 يوماً.
تطوير الأبحاث والتحسينات المستقبلية
توفر الدراسة خريطة دقيقة للتفاعل المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة، حيث يمكن من خلالها تطوير علاجات موجهة تهدف إلى منع الرفض في مراحله الأولى، وهو خطوة مهمة نحو جعل زرع الأعضاء من الخنازير خيارًا علاجيًا مأمونًا ومستدامًا. ويعمل الباحثون حالياً على تحسين التعديلات الوراثية، وتطوير بروتوكولات إنذار مبكر، لضمان نجاح طويل الأمد للزراعة وتقليل المخاطر.
باختصار، يمثل هذا التقدم مفصلًا حاسمًا نحو تيسير زراعة الأعضاء من الخنازير وتقليل معاناة مرضى فشل الأعضاء، مع إمكانيات واسعة لتحقيق طفرة في مجال الطب التجديدي في المستقبل القريب.