“بريكس” يسعى لملء الفراغ الذي خلفته أميركا في عهد ترمب

تطورات وتحديات مجموعة بريكس في ظل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية
منذ تأسيسها قبل أكثر من عقد، واجهت مجموعة “بريكس” التي تضم مجموعة من الاقتصادات الناشئة العديد من التحديات في تحديد هدف مشترك يربط بين الدول الأعضاء. ومع ذلك، فإن التطورات الأخيرة على المستوى الدولي، خاصةً السياسات الجمركية التي اتخذها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أسهمت في إعادة ترتيب الأولويات والأدوار داخل التكتل.
تحركات قادة بريكس تجاه السياسات الحمائية
- من المتوقع أن يتفق قادة المجموعة خلال اجتماعهم في ريو دي جانيرو على بيان يندد “بالإجراءات الحمائية الأحادية غير المبررة” و”الرفع غير المبرر” للرسوم الجمركية.
- هذا البيان، الذي يعكس مواقف وزراء خارجية الأعضاء، يهدف إلى توحيد الصفوف في مواجهة السياسات التجارية الضارة التي تضعف النظام الاقتصادي العالمي.
وعلى الرغم من أن البيان لا يذكر الولايات المتحدة مباشرةً، إلا أن رسالة التكتل واضحة بشأن التحديات التي تفرضها الإجراءات الأميركية الحالية، خاصةً مع اقتراب موعد فرض الرسوم الجمركية الجديدة في 9 يوليو.
صعود بريكس في غياب واشنطن
- في ظل السياسات “أميركا أولاً” التي انتهجها ترمب، تسعى مجموعة بريكس إلى ملء الفراغ الذي خلفه غياب واشنطن، حيث تحاول أن تظهر كبديل للنظام العالمي القائم على القطب الواحد.
- قال الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال اجتماع بنك التنمية الخاص بالمجموعة إن “التعددية تمر بأسوأ مراحلها منذ الحرب العالمية الثانية”.
- وفي ذات السياق، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية بالصين على العمل مع باقي الأعضاء على تعزيز الشراكة ودعم التعددية الدولية.
ورغم التقارب التي حدث نتيجة السياسات الحمائية، إلا أن المجموعة لا تزال بعيدة عن أن تكون بديلًا كاملًا للقوى العالمية، خاصةً في ظل غياب زعماء رئيسيين مثل الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي غاب عن الاجتماع، رغم زيارته الرسمية للبرازيل مسبقًا وارتباطه بمؤتمرات مهمة على مستوى المناخ.
تحديات الانقسامات والتوسع في العضوية
- تواجه بريكس انقسامات داخلية، خاصة بشأن التصريحات المتعلقة بالحروب والأمن، حيث تعارض روسيا والصين الحديث عن تدخلات في الشؤون الدولية.
- وفي الوقت ذاته، تسعى المجموعة حالياً إلى توسيع عضويتها بانضمام دول جديدة، وهو ما يرفع من تمثيلها العالمي إلى نحو 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويقارب نصف سكان العالم.
- لكن، هذا التوسع يهدد وحدة المجموعة ويزيد من صعوبة التوصل إلى مواقف موحدة بشأن القضايا الدولية الأساسية.
التحديات الاقتصادية والمالية
- شهدت التجارة بين الدول المؤسسة لمجموعة بريكس نمواً ملحوظاً بنسبة 40% منذ عام 2021، مع تسجيل حجم تجاري يبلغ حوالي 740 مليار دولار سنوياً.
- وفي الوقت الذي تحذر فيه بعض التقارير من ضروب الخلاف حول التعامل المالي، تؤكد مصادر رسمية أن التخلي عن الدولار الأميركي لا يناقش حالياً كخيار بديل.
كما أن السياسات التجارية العدائية والأزمات المالية المحتملة تفرض على الأعضاء العمل معاً لإيجاد نظم دفع مالية بديلة تسهل التجارة بين الدول بنفسها دون الاعتماد على العملات الدولية التقليدية.
آفاق التعاون في مواجهة التغير المناخي وقضايا أخرى
- تبدي بريكس تفاؤلاً في إحراز تقدم حول آليات لتمويل قضايا المناخ بين الأعضاء، خاصةً في ظل تآكل التعددية الدولية نتيجةً لسياسات بعض القوى الكبرى.
- تعمل الصين بشكل خاص على التعاون مع الأعضاء لتعزيز التعاون في مجال حماية البيئة، من خلال محادثاتها مع الدول الأعضاء حول قضايا المناخ والاستعداد لقمة المناخ القادمة.
وفيما يستعد قادة المجموعة لتعزيز وحدتهم، يبقى التنافس بين أعضاء بريكس، خصوصاً بين الصين والهند، على قيادة التكتل والتأثير على السياسات الدولية، في ظل غياب بعض الزعماء البارزين عن بعض الاجتماعات المهمة.