اقتصاد

بريكس يسعى لملء الفراغ الذي خلفته أمريكا في عهد ترمب

تطورات مجموعة بريكس وتأثيراتها على النظام العالمي

منذ تأسيسها قبل أكثر من عقد، واجهت مجموعة “بريكس”، التي تتألف من مجموعة من الاقتصادات الناشئة، تحديات في تحديد هدف موحد يربط بين أعضائها. ومع ذلك، فإن التوترات التجارية والإجراءات الحمائية التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على الدول الأعضاء أدت إلى تحولات في مواقف المجموعة وأعادت صياغة أولوياتها.

التحركات الأخيرة وإعلان المواقف

تأييد البيان المشترك ضد الإجراءات الحمائية

  • يتوقع أن يتفق قادة بريكس، خلال قمتهم في مدينة ريو دي جانيرو، على بيان يدين تصاعد الإجراءات الحمائية ورفع الرسوم الجمركية بشكل غير مبرر.
  • يأتي هذا التوافق ردًا على السياسات التي تبناها ترمب، وتعكس رغبة المجموعة في تعزيز التعددية والنظام التجاري متعدد الأطراف.

رسالة واضحة إلى إدارة ترمب

  • رغم أن البيان لن يذكر الولايات المتحدة بالاسم، إلا أن المجموعة ترسل رسالة واضحة مفادها أن السياسات الحمائية لا تخدم الاقتصاد العالمي.
  • أكد مسؤولون في بريكس أن جميع الأعضاء يتفقون على أن فرض الرسوم الجمركية غير مجدٍ ويقوّض التسلسل الاقتصادي الدولي.

انتقال بريكس إلى مركز القوة

غياب واشنطن وتنافس النفوذ

  • بينما تتبع إدارة ترمب سياسات “أميركا أولاً”، تسعى مجموعة بريكس إلى ملء الفراغ الذي تركه غياب الولايات المتحدة عن بعض القضايا الدولية.
  • هذه الاستراتيجية دفعت المجموعة إلى أن تظهر نفسها كمدافع عن المبادئ الأساسية مثل التجارة الحرة والتعددية.

موقف القادة وتأثير الانقسامات الداخلية

  • على سبيل المثال، عبّر الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا عن تفاؤله بإمكان التوصل إلى تفاهمات بشأن التعددية، مؤكداً أن المرحلة الحالية أسوأ من حيث التحديات منذ الحرب العالمية الثانية.
  • وفي المقابل، غاب الرئيس الصيني شي جين بينغ عن المشاركة في قمة بريكس، رغم زيارته الرسمية للبرازيل في نوفمبر، الأمر الذي أثار تساؤلات حول دوره ومستقبله في المجموعة.

توسعات وتحديات التماسك الداخلي

انتقادات للتوسع السريع وغياب الأجندة الموحدة

  • منذ بداية تشكيلها، عانت بريكس من غياب قيم مشتركة واضحة، إذ يقتصر الرابط بين الأعضاء على كونهم من الاقتصادات الناشئة الكبيرة وخطوط التوجه نحو تحسين مكانتهم الدولية.
  • ومع انضمام دول جديدة مثل مصر وإثيوبيا وإيران وإندونيسيا، زادت التحديات التي تواجه التماسك الداخلي للمجموعة نظرًا للاختلافات في الأولويات والمواقف.

الاختلاف حول قضايا الحرب والأمن الإقليمي

  • شهدت مجموعة بريكس انقسامات بشأن إشارة إلى الحرب في بيانها، حيث عارضت كل من روسيا والصين تضمين أي ذكريات مرتبطة بالحرب الحالية، بينما ضغطت مصر لإضافة دعم للسلام والأمن في الشرق الأوسط، لا سيما فيما يتعلق بالحرب على غزة.

وسائل فاعلة لمواجهة الضغوط الاقتصادية والسياسية

تطوير نظم دفع مالية بديلة

  • بالرغم من تهديدات ترمب بفرض رسوم بنسبة 100% على الدول التي تتخلى عن الدولار، إلا أن بعض أعضاء بريكس عملوا على تطوير أنظمة دفع بديلة لتسهيل التجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء.
  • وفي الوقت نفسه، أكد مسؤولون أن التخلي عن الدولار ليست مطروحة على الطاولة في الوقت الراهن.

نمو التجارة بين الأعضاء

  • شهدت التجارة بين الدول الأعضاء في بريكس نمواً بنسبة 40% بين عامي 2021 و2024، لتصل إلى حوالي 740 مليار دولار سنويًا، حسب بيانات صندوق النقد الدولي.

آفاق التعاون في قضايا المناخ والأجندة الدولية

الجهود لتعزيز العمل المناخي والتعاون الدولي

  • أبدت حكومة لولا دا سيلفا تفاؤلاً بإمكانية تحقيق تقدم في قضايا المناخ، حيث تناقش بريكس لأول مرة آليات لتعزيز تمويل المناخ، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس.
  • تواصل الصين، إلى جانب إندونيسيا، التعاون مع البرازيل في إطار جدول أعمال قمة المناخ، بهدف تعزيز مكانتها كحليف موثوق في قضايا البيئة.

التمثيل الدولي والانقسامات المحتملة

  • يمتلك الهند موقفًا متفائلًا، مع توقعات بأن تتمكن من التوصل إلى إعلان موحد خلال القمة، وأن تقوم برئاسة المجموعة عام 2026 لترسيخ مكانتها الدولية.
  • مع ذلك، لا تزال هناك انقسامات داخل المجموعة، خاصة بين الأعضاء القدامى والجدد، بما في ذلك معارضة مصر وإثيوبيا لدعم ترشيح جنوب أفريقيا لمقعد دائم في مجلس الأمن، بالإضافة إلى المنافسة بين الصين والهند على قيادة المجموعة.

وفي النهاية، تبقى مجموعة بريكس في مرحلة حاسمة من تطورها، تواجه خلالها تحديات كبيرة تتعلق بالتماسك الداخلي والتمثيل الدولي، فيما تسعى لتعزيز نفوذها في النظام العالمي المتغير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى