اقتصاد

تقديرات “سي آي إيه” حول خسائر اقتصاد إسرائيل بعد هجوم إيران مقارنة بحرب 1973

الحروب وتأثيراتها الاقتصادية على إسرائيل عبر التاريخ

ليست جميع الحروب تُخاض بالسلاح وحده، فبعضها يترك ندوباً أعمق في دفاتر الاقتصاد، حيث تتجلى آثارها في خسائر طويلة الأمد وتحديات مالية كبيرة.

حرب أكتوبر 1973 والأثر الاقتصادي

في حرب أكتوبر، تلقت إسرائيل ضربة اقتصادية قاسية استمرت لسنوات، حيث خسرت حصة كبيرة من ناتجها القومي خلال 19 يوماً فقط، مع تراجع قطاعات الإنتاج المدني بنسبة تقارب 20%. اضطرت الحكومة حينها إلى الاستدانة، خفض الإنفاق العام، وفرض سندات إلزامية على المواطنين لإنقاذ الاقتصاد المنهك.

  • خسائر الناتج اليومي قبل الحرب كانت تقترب من 14 مليون دولار، وتجاوزت خلال الحرب 1.4 مليار دولار.
  • استمر ضغط الأزمات المالية مع ارتفاع الديون الخارجية إلى 4.2 مليار دولار، وزيادة في كلفة خدمة الدين.

حرب 2025 والهجوم الإيراني المفاجئ

في يونيو 2025، نفذت إيران هجوماً خاطفاً بأكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة استمر 12 يوماً، إذ بلغت تكلفة الآثار الاقتصادية المباشرة وفق الأرقام الرسمية نحو 12 مليار دولار، شاملة:

  • أضرار مادية في البنية التحتية والمنشآت بقيمة 5.4 مليار دولار.
  • توقف القطاعين الصناعي والخدمي خلال أيام القتال، بكلفة 3.6 مليار دولار.
  • نفقات تشغيل أنظمة الدفاع الجوي التي بلغت 3 مليارات دولار.

وقد أدت الضربات إلى خسائر مباشرة على مستوى الاقتصاد، مع توقف مؤقت للقطاعات واحتياج كبير لتعويض الخسائر، رغم أن إسرائيل لم تدخل حرباً شاملة حتى الآن.

مقارنة بين الحربين وتحديات الاقتصاد الإسرائيلي

بينما كانت حرب 1973 تسببت في انكماش اقتصادي واسع وديون ضخمة، فإن هجمات 2025 كشفت عن خلل واضح في كفاءة الإنفاق الدفاعي، مع تكلفة باهظة لسياسات الاعتماد على تكنولوجيا الاعتراض المتقدمة. فعلى سبيل المثال:

  • في 1973، كان الناتج القومي نحو 11.36 مليار دولار، مع استهلاك ما بين 44% إلى 53% من حجم الاقتصاد خلال الحرب.
  • أما في 2024، بلغ الناتج المحلي 565 مليار دولار، وكانت تكلفة الهجوم الإيراني تمثل حوالي 2.1% من الناتج.

وعند تقييم الخسائر بمعدلات التضخم، يبدو أن خسائر 1973 كانت أكبر بكثير من نظيرتها في 2025، مما يعكس حجم التدمير الاقتصادي في الحرب التقليدية مقارنة بردود الفعل الصاروخية المكثفة.

دور المساعدات الأميركية ودورها في استقرار الاقتصاد

خلال كلا الحدثين، ساهمت المساعدات الأميركية، سواء عبر الإمداد العسكري أو الضمانات المالية، في تقليل تداعيات الأزمات على الاقتصاد الإسرائيلي. ففي 1973، كانت عملية “نيكل غراس” جسراً جوياً لنقل الأسلحة، أسهمت في تقليل الضغط المالي وتعزيز الاستقرار. وفي 2025، وفرت واشنطن دعماً عسكرياً ومالياً من خلال تزويدها بأنظمة دفاع وتفعيل مخزون احتياطي لتفادي انهيار اقتصادي كامل.

تكلفة يومية وشاملة لكل مواجهة

عند حساب الأثر اليومي، كانت خسائر 1973 تتراوح بين 263 و316 مليون دولار يومياً، مع قيمة معدلة تصل إلى 1.8-2.1 مليار دولار لليوم وفق التضخم، فيما بلغت تكلفة عام 2025 حوالي مليار دولار يومياً خلال 12 يوماً، وهو رقم مرتفع من حيث القيمة المطلقة، لكنه أقل من الكثافة التدميرية للحرب التقليدية.

الخلاصة: تقييم الأثر المالي بعد التضخم والناتج القومي

تظهر المقارنات أن الخسائر الحقيقية بعد تعديل التضخم تكون أكبر بكثير من الأرقام الأولية، حيث تُقدر خسائر حرب 1973 اليوم بين 34 و41 مليار دولار، وتُمثل حوالي نصف الناتج القومي آنذاك، بينما كانت هجمات 2025 تُكلف حوالي 2.1% من الناتج، مما يوضح أن حجم التدمير الاقتصادي يتفاوت وفق طبيعة الصراع وظروفه الزمنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى