نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يقترب أكثر مما كنا نتصور

تقدم علمي في فهم تفاعل الخلايا المناعية مع أنسجة الأعضاء المزروعة من الخنازير البشرية
نجح باحثون في رسم خرائط تفصيلية لكيفية تفاعل خلايا المناعة البشرية مع أنسجة الكلى المستزرعة من الخنازير، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئي مكاني متطورة. يمثل هذا التقدم خطوة مهمة نحو التغلب على التحدي الأكبر المتمثل في رفض الأعضاء المزروعة من قبل الجهاز المناعي للمريض.
كشف الاستجابة المناعية المبكرة وتحليل الزمن الحاسم
- حدد الباحثون علامات جزيئية مبكرة تشير إلى بداية الرفض، ظهرت في اليوم العاشر وبلغت ذروتها في اليوم الثالث والثلاثين بعد الزرع.
- مدة الدراسة الممتدة لأكثر من شهرين ساعدت في تحديد نافذة زمنية حاسمة للتدخل العلاجي، مما يساهم في تحسين فرص بقاء الأعضاء المزروعة.
آليات رفض الأعضاء المزروعة
- الرفض بوساطة الخلايا التائية: تتعرف الخلايا اللمفاوية التائية على المستضدات الغريبة وتقود هجوماً لتدمير الأنسجة المزروعة.
- الرفض بواسطة الأجسام المضادة: تتكون أجسام مضادة ضد مستضدات المتبرع، وتؤدي إلى تلف الأوعية الدموية وتفعيل الجهاز المناعي.
تطور التجارب السريرية وزرع أعضاء معدلة وراثياً
- شهدت الفترة الأخيرة تجربة زراعة كلية خنزير معدل وراثياً، حيث تلقت حالة أولى في مستشفى ماساتشوستس كلية من خنزير معدل وراثياً، وظهرت نتيجة جيدة على الفور، رغم وفاة المريض لاحقاً لأسباب غير مرتبطة بالكلية.
- تجربة أخرى في مركز أبحاث نيويورك استمرت لمدة 130 يوماً قبل أن يتم إزالتها نتيجة لرفض حاد، مما يعكس التحديات الحالية ويحفز البحث على تحسين التعديلات الوراثية والإجراءات العلاجية.
التفاعل المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة من الخنازير
توفر الدراسة خريطة دقيقة لآليات تسلل الخلايا المناعية، حيث كشفت أن خلايا البلعمية الكبيرة (الماكروفاج) والخلايا النخاعية كانت الأكثر انتشاراً، مما يؤكد دورها الرئيسي في عمليات الرفض ومقاومة الزرع.
عند إجراء تدخلات علاجية موجهة، لوحظ تقليل ملحوظ في مؤشرات الرفض، مما يسهل تطوير بروتوكولات علاجية أكثر فاعلية للحد من التفاعل المناعي الضار.
التحديات الدولية ونقص الأعضاء البشرية
- تظل أزمة نقص الأعضاء من أهم العقبات الصحية، مع زيادة الطلب وتسجيل الآلاف من حالات الانتظار على قوائم الزراعة.
- وفي عام 2024، توفي العديد من المرضى أثناء انتظارهم للأعضاء، حيث إن الطلب يتجاوز العرض بشكل كبير، خاصة بالنسبة للمرضى الذين يحتاجون إلى زراعة كلى.
- تشير التقديرات إلى أن عدد عمليات الزرع العالمية لا يتعدى 10% من الاحتياجات الفعلية، مما يحفز على تطوير الحلول المبتكرة، مثل أعضاء الخنازير المعدلة وراثياً.
آفاق تحسين العلاجات وزيادة الأمل في المستقبل
ركزت الدراسات الحالية على تطوير طرق لمنع رفض الأعضاء قبل تفاقمه، عبر فهم أعمق للآليات الجزيئية والتفاعل المناعي المبكر. يتطلب الاعتماد الروتيني لهذا الحل سنوات من التجارب والإثباتات على السلامة والفعالية، مع تنظيم صارم من الجهات المختصة.
يوضح الباحثون أن مستقبل زراعة الأعضاء من الخنازير يبدو أكثر قرباً، مع احتمالية أن يصبح جزءاً أساسياً من الحلول العلاجية، خاصة مع تحسين التعديلات الوراثية وتطوير بروتوكولات إنذار مبكر وطرق علاج موجهة للرفض.
يأمل العلماء أن يؤدي هذا التقدم إلى تحسين حياة ملايين المرضى، وجعل زراعة أعضاء الخنازير خياراً علاجياً روتينياً خلال العقد المقبل، مما يغير معالم مستقبل زراعة الأعضاء على مستوى العالم.