نجاح زراعة “كلى الخنزير” في البشر يقترب أكثر مما نتوقع

تطورات في فهم التفاعل المناعي مع الأعضاء المزروعة والوضع الحالي لزراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً
شهدت الأبحاث الأخيرة تقدمًا كبيرًا في فهم كيفية استجابة الجهاز المناعي البشري للأعضاء المزروعة من الخنازير، وذلك من خلال رسم خرائط تفصيلية لعملية التفاعل المناعي، ما يسهم في تطوير استراتيجيات أكثر فعالية لتقليل رفض الأعضاء وتحقيق استدامة الزراعة الحية.
رسم خرائط التفاعل المناعي باستخدام تقنيات تصوير جزيئي متطورة
- تمكن الباحثون من تحديد أنماط تعبير الجينات وسلوك الخلايا المناعية، مما أدى إلى إنشاء خرائط دقيقة لتسلل الجهاز المناعي إلى الأعضاء المزروعة.
- وأظهرت النتائج أن خلايا البلعم الكبيرة (الماكروفاج) والخلايا النخاعية كانت الأكثر انتشارًا، مؤكدة دورها المركزي في عمليات الرفض المناعي.
- هذه البيانات تتيح تطوير علاجات موجهة هدفها تعطيل التفاعل المناعي الضار قبل تفاقم الحالة، مما يعزز من فرص نجاح الزراعة المستدامة.
آلية الرفض المناعي للأعضاء المزروعة
يتجلى رفض الأعضاء المزروعة من خلال آليتين رئيسيتين:
- الرفض بوساطة الخلايا التائية: حيث تتعرف الخلايا الليمفاوية التائية على المستضدات الغريبة وتتسبب في تلف الأنسجة.
- الرفض بوساطة الأجسام المضادة: تتكوّن أجسام مضادة ضد مستضدات المتبرع، مما يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية وتدمير العضو.
تقدم الأبحاث وتأثيرها على زراعة الكلى من الخنازير
مع دخول التجارب السريرية في مراحلها الأولية، يتم فحص فعالية وسلامة الكلى المعدلة وراثيًا التي يتم زرعها للإنسان، حيث تمكنت بعض الحالات من البقاء لفترات طويلة قبل ظهور علامات رفض، وهو ما يشير إلى تطور واعد في هذا المجال.
على سبيل المثال، كانت أول عملية ناجحة في مستشفى ماساتشوستس لرجل يعاني من فشل كلوي، حيث استمرت الكلى المزروعة في أداء وظائفها بشكل جيد لمدة شهرين، مما يوضح إمكانية الاعتماد عليها مستقبلاً.
نقص الأعضاء وتحديات زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً
- يظل نقص الأعضاء حادًا على مستوى العالم، حيث ينتظر الملايين عمليات زراعة ضرورية لإنقاذ حياتهم.
- على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، ينتظر أكثر من 100 ألف مريض عملية زرع، مع غلبة مرضى الكلى.
- وفي عام 2024، تم إجراء أكثر من 48 ألف عملية زرع، إلا أن الفجوة بين العرض والطلب لا تزال واسعة، مع استمرار وفيات المرضى أثناء الانتظار.
- يشير الخبراء إلى أن زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثيًا يمكن أن تكون أحد الحلول لتلبية الطلب المتزايد وتحقيق تقدم كبير في المجال الصحي.
آفاق المستقبل والنهج التصحيحي
سيواصل الباحثون التركيز على تحسين التعديلات الوراثية للخنازير وتطوير بروتوكولات علاجية موجهة لمنع الرفض المناعي قبل حدوثه، بهدف جعل زراعة أعضاء الخنازير خيارًا علاجيًا معتادًا. يتطلب ذلك سنوات من التجارب السريرية وإثباتات على السلامة والفعالية، بالإضافة إلى اعتماد تنظيمي صلب.
وفي النهاية، ترى الأبحاث أن هذه التقدّم يجعل من الممكن أن تصبح زراعة الكلى من الخنازير جزءًا من الخيارات العلاجية المتاحة خلال العقد المقبل، وهو ما قد يغير مستقبل زراعة الأعضاء على نطاق واسع.