صحة

نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يقترب أكثر مما نظن

تقنيات متقدمة تسهم في فهم وتطوير زراعة الأعضاء من الخنازير المزودة بتعديلات جينية

في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه عمليات زراعة الأعضاء، يبرز البحث العلمي برؤية جديدة تهدف إلى تجاوز معوقات الرفض المناعي وتحقيق استدامة الأعضاء المزروعة، خاصةً عبر تطوير زراعة كلى من الخنازير المعدلة وراثياً. تتلاقى نتائج الدراسات الحديثة مع آمال الوصول إلى حلول دوائية وبيولوجية أكثر فاعلية لاحتياجات ملايين المرضى حول العالم.

رسم خرائط تفاعلية للخلايا المناعية مع أنسجة الكلى الخنزيرية

تمكن باحثون من تدوين خريطة مفصلة لآليات تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى المزروعة من الخنازير، باستخدام تقنية تصوير جزيئية مكانية متطورة. أدت هذه الدراسة إلى تحديد أنماط استجابة الجهاز المناعي من خلال مراقبة تعبير الجينات وسلوك الخلايا، وتُعد هذه الخريطة خطوة أساسية نحو تطوير علاجات تستهدف مراحل الرفض المبكرة.

الاستجابة المناعية والرفض الحاد

  • علامات جزيئية مبكرة: ظهرت علامات فوارق مبكرة في اليوم العاشر بعد الزرع، بلغت ذروتها بعد 33 يوماً، مما يوفر نافذة علاجية مهمة للتدخل المبكر.
  • آليات الرفض الرئيسية: تتضمن الرفض بوساطة الخلايا التائية، حيث تتعرف على الأنسجة الغريبة وتهاجمها، إضافة إلى الرفض بوساطة الأجسام المضادة التي تلتصق بالأوعية الدموية وتؤدي إلى تلف العضو.

تطورات التجارب السريرية وإزالة الكلى المزروعة

بدأت تجارب زرع الكلى من الخنازير المعدلة وراثياً في المرضى البشريين، مع التعديلات الجينية التي تهدف لتقليل رفض الجهاز المناعي. ففي عام 2024، تم زرع أول كلية من خنزير معدل وراثياً في مريض تعاني من الفشل الكلوي وأظهرت نتائج واعدة، رغم وفاة المريض لاحقاً بعد شهرين بسبب أسباب غير مرتبطة بوظيفة الكلية.

وفي نفس العام، تلقت امرأة أخرى كلية خنزير معدلة، ودامت الكلية 130 يوماً قبل أن يتم إزالتها نتيجة لرفض حاد، مما يظهر استمرار الحاجة إلى تحسين تقنيات التعديل الوراثي وتطوير بروتوكولات علاجية محسنة.

التفاعل المناعي وكيفية التحكم فيه

توفر الدراسة الجديدة أدق تصور لكيفية تفاعل الخلايا المناعية مع الأعضاء المزروعة، حيث أظهرت أن خلايا البلعمية الكبيرة والخلايا النخاعية كانت أكثر انتشاراً، وتؤكد على أهمية استهداف هذه الخلايا خلال التدخل العلاجي المبكر للحد من عمليات الرفض.

التحدي العالمي لنقص الأعضاء وفرص الحلول الحيوية

  • يساهم نقص الأعضاء في زيادة معدلات الوفيات بين المرضى على قوائم الانتظار، خاصةً من مرضى الكلى الذين يمثلون الغالبية.
  • رغم أن زيادات طفيفة حدثت في عمليات الزراعة خلال عام 2024، إلا أن الطلب يفوق العرض بشكل كبير، وتتوقع التقديرات أن نسبة كبيرة من المحتاجين لا يحصلون على الأعضاء اللازمين.

آفاق مستقبلية لتحسين الزراعة الجينية وتطوير العلاجات

  • تتجه الأبحاث حالياً نحو تحسين التعديلات الوراثية للخنازير، وتطوير بروتوكولات علاجية مبكرة تستهدف مراحله الأولى من الرفض.
  • يطمح الباحثون إلى أن تصبح زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً خياراً علاجياً معتمداً بشكل روتيني خلال السنوات القادمة، بعد استكمال التجارب وإثبات السلامة والكفاءة.

وفي النهاية، يُعد تحقيق ذلك فرصة لتحويل مفهوم علاج أمراض الفشل العضوي، وتقليص فجوة نقص الأعضاء بشكل كبير، من خلال استراتيجيات علمية وتقنية متطورة تضع الإنسانية في طريق جديد للأمل والشفاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى