نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يقترب أكثر مما نتصور

خرائط تفصيلية للتفاعل المناعي بين خلايا الإنسان وأعضاء الخنازير المعدلة وراثياً
تمكن فريق من الباحثين من رسم خرائط دقيقة لكيفية تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى المزروعة من خنازير معدلة وراثياً، باستخدام تقنيات تصوير جزيئي متقدمة. تأتي هذه الدراسة في إطار السعي لتجاوز تحدي رفض الأعضاء المزروعة وتحقيق زراعة أعضاء من خنازير بشكل أكثر أماناً وفعالية.
تحديد الاستجابة المناعية المبكرة ونافذة التدخل العلاجي
- استخدم الباحثون تقنية التصوير الجزيئي المكاني لتحديد أنماط تعبير الجينات وسلوك الخلايا المناعية بدقة عالية.
- كشفوا أن خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية كانت الأكثر انتشاراً، مشيرة إلى دورها الرئيسي في عمليات الرفض المناعي.
- تم تحديد علامات جزيئية مبكرة للرفض تظهر في اليوم العاشر بعد الزرع، وتبلغ ذروتها في اليوم الثالث والثلاثين.
- قموا بمراقبة الاستجابات المناعية لمدة تتجاوز الشهر، مما مهد الطريق لتحديد «نافذة زمنية حرجة» للتدخل العلاجي لضبط الحالة وتقليل احتمالات رفض العضو.
عملية الرفض المناعي وآلياتها
يحدث رفض الأعضاء المزروعة عندما يتعرف الجهاز المناعي للمتلقي على العضو كغريب، فيبدأ هجوم مناعي بهدف تدميره. وتتمثل الآليتان الرئيستان للرفض فيما يلي:
- الرفض بوساطة الخلايا التائية: حيث تتعرف الخلايا اللمفاوية التائية على المستضدات الغريبة وتتسلل إلى الأنسجة مزعزعة وظيفتها.
- الرفض بوساطة الأجسام المضادة: إذ تتكون أجسام مضادة ضد مستضدات المتبرع، وتلتصق ببطانة الأوعية الدموية، مما يسبب تلف الأنسجة ورفض العضو.
تقدم الأبحاث وإمكانيات زرع الكلى من خنازير معدلة وراثياً
تُعطينا الدراسات الأخيرة نظرة أمل لرسم مستقبل الزرع من خلال استخدام خنازير معدلة وراثياً، حيث أُجريت أول عملية زرع كلية خنزير معدلة وراثياً في مستشفى ماساتشوستس عام 2024، ونجح المريض في الحفاظ على وظيفة الكلية لمدة شهرين تقريباً.
وفي نوفمبر من نفس العام، تلقت امرأة من ألاباما كلية خنزير معدلة وراثياً، وظلت تعمل لمدة 130 يوماً قبل أن يتم إزالتها بسبب رفض حاد.
التفاعل المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة
- توفر الدراسة الجديدة خارطة مفصلة للتفاعل المناعي، حيث يمكن من خلالها تطوير علاجات موجهة تقلل من احتمالات الرفض.
- اعتمد الباحثون على خوارزميات حيوية لتمييز خلايا المناعة البشرية والخلايا البنيوية للخنازير، مما ساهم في فهم أعمق لآليات التسلل المناعي.
- تبين أن خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية تلعب أدواراً رئيسية في عمليات الرفض المناعي، وقد تم ملاحظة انخفاض في مؤشرات الرفض عند تطبيق تدخلات علاجية.
التحديات الحالية والمستقبلية
لا تزال أزمة نقص الأعضاء على مستوى العالم تمثل تحديًا كبيرًا، مع وجود قائمة انتظار تشمل مئات الآلاف من المرضى الذين يحتاجون لزرع أعضائهم بسرعة. على الرغم من زيادة معدلات الزراعة، إلا أن النقص لا يزال قائماً، ويؤدي إلى وفاة العديد من المرضى يومياً.
تُعد زراعة الأعضاء من خنازير معدلة وراثياً أحد الحلول الواعدة لسد الفجوة، حيث تتطلب التجارب الحالية تحسينات مستمرة في التعديلات الوراثية وتطوير بروتوكولات علاجية حديثة لضبط الاستجابة المناعية بشكل أكثر دقة.
يأمل الباحثون أن يساهم هذا النهج في جعل زراعة أعضاء الخنازير خياراً علاجياً متاحاً على نطاق واسع خلال السنوات القادمة، مع تحقيق استدامة وسلامة أعلى.