نجاح زرع “كلى الخنازير” في البشر يقترب أكثر مما نتصور

خرائط تفصيلية لاستجابة الجهاز المناعي للخلايا المزروعة من الخنازير
تمكن فريق بحثي من رسم خرائط شاملة لكيفية تفاعل خلايا الجهاز المناعي البشري مع أنسجة الكلى المزروعة من الخنازير، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئي مكاني متطورة. يهدف هذا الإنجاز إلى فهم أدق لآليات الرفض المناعي والتي تشكل العقبة الرئيسية أمام الاعتماد الواسع لزرع الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً للبشر.
الاستجابة المناعية وتأثيرها على زرع الأعضاء
- اكدت الدراسة أن استجابة الجهاز المناعي تتضمن علامات جزيئية مبكرة تظهر قبل أسابيع من حدوث الرفض الكامل، مما يتيح فرصاً للتدخل العلاجي المبكر.
- التحليل المكاني للخلايا المناعية أظهر أن خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية كانت الأكثر انتشاراً، وتلعب دوراً محورياً في عمليات الرفض.
- استخدام خوارزميات معلوماتية حيوية ساعد على تمييز خلايا المناعة البشرية عن الخلايا البنيوية للخنزير بدقة عالية، مما يسهم في تطوير طرق علاج موجهة بشكل أدق.
الخلايا المناعية ودورها في الرفض
الخلايا البلعمية الكبيرة، المعروفة باسم الماكروفاج، تساهم بشكل فعال في مهاجمة الأنسجة المزروعة، إذ تلتقط الميكروبات والخلايا الميتة وتطلق إشارات تفعيل الجهاز المناعي، ما يسرع عملية الرفض. أما الخلايا النخاعية، فهي تلعب دوراً رئيسياً في المناعة الوقائية، وتعمل على انتقال الرسائل المناعية عبر الدم والجهاز اللمفاوي لتكثيف الاستجابة المناعية.
عند تطبيق تدخلات علاجية موجهة خلال البحث، لوحظ انخفاض كبير في مؤشرات الرفض، ما يشير إلى إمكانية تعطيل التفاعل المناعي الضار في مراحله المبكرة وتحسين احتمالات بقاء الأعضاء المزروعة.
التحديات العالمية ونقص الأعضاء
ما زالت أزمة نقص الأعضاء البشرية تشكل عقبة كبرى أمام نجاح عمليات الزراعة، حيث تنتظر مئات الآلاف من المرضى عبر العالم فرصتهم في الحصول على عضو بديل. في الولايات المتحدة وحدها، يتجاوز عدد المتلقين المحتملين 100 ألف شخص، مع غالبية الطلب على الكلى.
وفي عام 2024، زادت عمليات الزراعة بشكل محدود، لكن الفجوة لاتزال هائلة، مع تزايد عدد الوفيات جراء الانتظار وعدم توفر الأعضاء اللازمة. تشير التقديرات إلى أن عمليات الزرع العالمية لا تلبي سوى جزء بسيط من الحاجة الحقيقية، مما يعزز ضرورة تبني حلول مبتكرة لزيادة التوافر.
التطورات في زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً
- وافق إدارة الغذاء والدواء الأميركية في فبراير 2025 على إجراء تجارب سريرية لزرع أعضاء معدلة وراثياً من الخنازير في البشر، مع التركيز على الكلى.
- العديدات الجينية التي أضيفت وتعديلات أخرى هدفت إلى تقليل احتمالات الرفض وتحسين التوافق المناعي، مع تعطيل جينات قد تؤدي إلى رفض الجهاز المناعي أو تعيق نمو الأعضاء.
- تم زراعة الكلى المعدلة وراثياً لأول مرة في مارس 2024، حيث أظهر المريض وظيفة جيدة، مع حالة وظيفية مستقرة استمرت شهراً تقريباً، رغم وفاة المريض بعد ذلك لأسباب أخرى غير مرتبطة بالعضو المزروع.
التفاعلات المناعية وتحسين استدامة الأعضاء المزروعة
توفر الدراسات الحالية أدق خرائط للتفاعل المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة من الخنزير، مما يسهل تطوير علاجات موجهة لتقليل الرفض. باستخدام التحليل الجيني لسلوك الخلايا المناعية، تمكن الباحثون من تحديد أنماط تعبير الجينات، مؤكّدين أن خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية تلعب دوراً رئيسياً في عمليات الرفض.
عند تطبيق تدخلات علاجية موجهة، لوحظ انخفاض ملحوظ في مؤشرات رفض الأعضاء، مما يفتح الطريق أمام بروتوكولات علاجية أكثر دقة وفعالية.
آفاق المستقبل والحاجة إلى الحلول المبتكرة
نظراً لاستمرار النقص العالمي في الأعضاء، فإن زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً تعتبر حلاً واعداً، مع تطلع لتجاوز تحديات الرفض المناعي وإيجاد حلول طويلة الأمد. يعول الباحثون على تحسين التقنيات الوراثية وتطوير بروتوكولات علاج مبكرة للتمكن من اعتماد هذا النهج بشكل روتيني في المستقبل القريب.
ويأمل العلماء أن تساهم هذه التطورات في تحويل زراعة الأعضاء من الخنازير إلى خيار علاجي قياسي ضمن السنوات القادمة، مما يسهم بشكل كبير في إنقاذ حياة العديد من المرضى حول العالم.