استخدام التحفيز الكهربائي للدماغ قد يقلل من خطر الانتحار في مرضى الاكتئاب

نتائج دراسة حديثة تغير فهم علاج الاكتئاب بالتخليج الكهربائي
كشفت مراجعة علمية موسعة عن أدلة جديدة قد تُغير بشكل جوهري الفهم السابق حول فعالية العلاج بالتخليج الكهربائي في علاج المصابين بالاكتئاب الشديد، خاصةً في سياق الحد من معدلات الانتحار والوفيات العامة.
الخلفية والأهمية
أظهرت الدراسة أن العلاج بالتخليج الكهربائي يقلل خطر الانتحار بنسبة تصل إلى 34% مقارنة بالعلاجات التقليدية، مثل الأدوية المضادة للاكتئاب، وهي نتائج تعد مهمة في سياق معالجة حالات الاكتئاب المقاوم للعلاج. هذه المراجعة، المنشورة في مجلة Neuroscience Applied، تعد الأولى من نوعها التي تجمع وتقييم بشكل منهجي الأدلة الحديثة من الدراسات السابقة لتأكيد ارتباط واضح بين العلاج بالتخليج الكهربائي وتراجع معدلات الانتحار والوفيات.
طرق الدراسة والبيانات المجمعة
- تم فحص 1352 دراسة علمية أولية، ومن بينها اختير 26 دراسة ذات جودة عالية.
- شملت الدراسات تقييم تأثير ثلاثة أنواع من العلاجات العصبية على السلوك والأفكار الانتحارية:
- التخليج الكهربائي
- التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة
- تحفيز العصب المبهم
- تم تحليل نتائج 11 دراسة خاصة بالعلاج بالتخليج الكهربائي، والتي شملت 17890 مريضاً، مقابل 25367 مريضاً تلقوا علاجاً تقليدياً.
النتائج الرئيسية
- حالات الانتحار المسجلة كانت: 208 في مجموعة العلاج بالتخليج الكهربائي و988 في مجموعة الرعاية التقليدية.
- وفيات أخرى بلغت 511 في المجموعة العلاجية مقابل 1325 في الرعاية التقليدية.
- ينتج عن ذلك انخفاض بنسبة 34% في خطر الانتحار، وانخفاض بنسبة 30% في الوفاة العامة بين من تلقوا العلاج بالتخليج الكهربائي.
فوائد وتداعيات العلاج بالتخليج الكهربائي
تشير هذه النتائج إلى أن فوائد العلاج بالتخليج الكهربائي قد تتجاوز مجرد تحسين الحالة النفسية، وتساهم في زيادة فرص البقاء على قيد الحياة بشكل عام. ومع ذلك، يلفت بعض الخبراء أن هذه الفوائد قد تكون مرتبطةً باختيارات انتقائية للمرضى ضمن الدراسات، مما يتطلب توخي الحذر عند تعميم النتائج.
ومع تطور طرق العلاج، تظهر دراسات حديثة أن فوائد العلاج بالتخليج الكهربائي كانت أكبر مما سجلته الدراسات القديمة، وقد تصل نسبة تقليل خطر الانتحار في التطبيقات المعاصرة إلى أكثر من 34%.
القيود والتحديات
رغم الأمل الكبير، تشدد الدراسة على أن غالبية الدراسات كانت ملاحظة وليست تجريبية، مما يقلل من قوة الأدلة المقدمة. ويكثر من ذلك أن إجراء تجارب سريرية طويلة الأمد يكون غير عملي أو غير أخلاقي، مما يجعل الاعتمادية على البيانات الملاحظة ضرورة.
العلاجات العصبية الأخرى غير المثبتة بعد
- التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة: البيانات كانت محدودة، ولم تظهر نتائج واضحة على معدلات الانتحار.
- تحفيز العصب المبهم: أظهر انخفاضاً كبيراً في معدل الوفاة، لكنه استند إلى عدد محدود من الدراسات، مما يتطلب مزيداً من البحث لتأكيد فعاليته.
أما تحفيز العصب المبهم، فهو يتطلب زراعة جهاز جراحي صغير، وهو يعمل على إرسال نبضات كهربائية منتظمة عبر العصب المبهم لتحسين وظيفة الدماغ المرتبطة بالاكتئاب.
آفاق وتوقعات المستقبل
يشكل هذا التطور تقدمًا مهمًا في فهم إمكانيات العلاج بالتخليج الكهربائي، خاصةً أن التاريخ الإعلامي لهذا العلاج كان مليئًا بالصورة السلبية، رغم تطوره ليصبح واحدًا من أكثر الخيارات فعالية في حالات الاكتئاب المقاوم للعلاج الدوائي.
تؤكد الهيئات الطبية، مثل الجمعية الأمريكية للطب النفسي، على أن هذا العلاج آمن وفعال عند استخدامه وفق بروتوكولات معتمدة وتحت إشراف متخصصين، خاصةً مع تزايد الحاجة إلى حلول فعالة لمواجهة أزمة الصحة النفسية المتعاظمة عالميًا.
التحديات والأسئلة المفتوحة
رغم نتائج الدراسة، تظل العديد من الإشكاليات قائمة، مثل ضمان الاستخدام العادل والآمن لهذا العلاج، ومدى توفره في الدول النامية، بالإضافة إلى الآثار الجانبية المحتملة مثل فقدان الذاكرة المؤقت أو الارتباك بعد الجلسات.