زراعة كلى الخنازير في البشر تقترب خطوة من النجاح

تقدم في فهم التفاعل المناعي مع أنسجة الكلى من الخنازير المعدلة وراثياً
نجح الباحثون في رسم خرائط تفصيلية لكيفية تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى التي تم زرعها من الخنازير المعدلة وراثياً، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئي مكاني متطورة. ويعد هذا التقدم خطوة مهمة نحو التغلب على التحدي الأكبر في زراعة الأعضاء من الخنازير، وهو رفض الجهاز المناعي للعضو المزروع.
التفاعلات المناعية ومرحلة الرفض
كشفت الدراسة أن الاستجابة المناعية تبدأ مبكراً، حيث تظهر علامات جزيئية على الرفض بواسطة الأجسام المضادة بدءاً من اليوم العاشر بعد الزرع، وتصل إلى ذروتها في اليوم الثالث والثلاثين، مما يتيح تحديد نافذة زمنية حاسمة للتدخل العلاجي. استمرت متابعة الحالة لمدة 61 يوماً، مما ساهم في تحديد فترة يمكن فيها التدخل لمنع الرفض وتحسين فرص بقاء العضو.
آليات رفض الأعضاء المزروعة
- الرفض بوساطة الخلايا التائية: يتعرف الخلايا الليمفاوية التائية على المستضدات الغريبة على العضو ويهاجمه، مما يؤدي إلى تلف الأنسجة.
- الرفض بواسطة الأجسام المضادة: تتكون أجسام مضادة ضد مستضدات التبرع، وتلتصق ببطانة الأوعية الدموية، مما يسبب تنشيط الجهاز المناعي وتدمير العضو.
آفاق زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً
تعد هذه الدراسة خطوة مهمة في تهيئة الظروف لتجارب سريرية مستقبلية، إذ بدأت أولى عمليات زرع كلى من خنازير معدلة وراثياً في الإنسان في الولايات المتحدة خلال العام الحالي، مع موافقات تنظيمية من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. تعتمد هذه الأعضاء على تعديلات جينية سمحت بتقليل احتمالات رفضها، وتفتقر إلى الجينات التي قد تسبب رفضاً مناعياً شديداً.
نماذج لبقاء الكلى المزروعة
- مريض يبلغ من العمر 62 عاماً تلقى كلية من خنزير معدل وراثياً، واحتفظت الكلية بوظيفتها لمدة شهرين قبل وفاته، مع وجود أدلة على إمكانية استدامتها في الجسم البشري.
- امرأة أخرى تلقت كلية معدلة وراثياً عملت لمدة 130 يوماً قبل أن تُزال نتيجة لرفض حاد.
الخيارات الجديدة وتحسينات العلاج المستقبلي
توفر الدراسة خريطة دقيقة لأنماط تعبير الجينات وسلوك الخلايا المناعية، مما يفتح الباب أمام تطوير علاجات أكثر دقة وفعالية للحد من الرفض. تقنيات معالجة الخلايا وخوارزميات التحليل تساعد على تصعيد النهج العلاجي، مع التركيز على تصميم تدخلات وقائية قبل تفاقم الحالة.
ضرورة الحلول البديلة لنقص الأعضاء عالمياً
يعاني العالم من نقص حاد في الأعضاء المتاحة للزراعة، حيث يفوق الطلب العرض بشكل كبير، مما يؤدي إلى وفاة مئات الأشخاص يومياً أثناء انتظارهم. وبينما سجلت الولايات المتحدة زيادة طفيفة في عدد عمليات الزرع، فإن الحاجة لا تزال ماسة، مع وجود أكثر من 100 ألف شخص ينتظرون زراعة عضو، ومعظمهم يحتاجون إلى كلية جديدة.
الآفاق المستقبلية والتحديات
يعتمد تحقيق الانتشار الواسع لزرع الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً على قدر المستطاع إثبات السلامة والفعالية عبر تجارب مستمرة ومراجعات تنظيمية صارمة. يتوقع الباحثون أن يُصبح هذا الحل جزءاً أساسياً من ممارسات زرع الأعضاء في المستقبل، مع تطورات مستمرة في تحسين المعالجة الوراثية وتقنيات التشخيص المبكر للرفض.
تُعد هذه الدراسة بمثابة خطوة حاسمة نحو جعل زراعة الأعضاء من الخنازير خياراً علاجياً قابلاً للتطبيق على المدى الطويل، مما قد يغير مستقبل علاج أمراض الفشل العضوي ويخفف من معاناة المرضى في جميع أنحاء العالم.