اقتراب نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر أكثر مما كنا نتصور

تطورات حديثة في فهم وتطبيق زرع الأعضاء من الخنازير في البشر
شهدت الأبحاث العلمية تطوراً كبيراً في مجال زراعة الأعضاء من حيوانات معدلة وراثياً، وخاصة الخنازير، بهدف سد الفجوة العالمية في توفر الأعضاء البشرية للزراعة. مؤخراً، تمكن الباحثون من رسم خرائط تفصيلية لكيفية تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة كلى الخنازير، عبر استخدام تقنيات تصوير جزيئي متطورة، مما يمهد الطريق لتحسين عمليات الزرع وتقليل حالات رفض الأعضاء.
رسم خرائط التفاعل المناعي في زرع الكلى من الخنازير إلى الإنسان
- استخدم الباحثون خوارزميات معلوماتية حيوية لتمييز خلايا المناعة البشرية عن خلايا الأنسجة الخنزية، مما أتاح لهم تتبع سلوك الجهاز المناعي بشكل دقيق.
- كشفت النتائج عن وجود خلايا البلعمية الكبيرة (الماكروفاج) والخلايا النخاعية كعناصر رئيسية في عمليات الرفض المناعي، حيث كانت أكثر انتشاراً في جميع مراحل التفاعل المناعي.
- توصلت الدراسة إلى أن تدخلات علاجية موجهة خلال مرحلة مبكرة يمكن أن تقلل من احتمالات رفض الأعضاء وتؤدي إلى تحسين فرص بقاء الأعضاء المزروعة لفترات أطول.
مراحل التفاعل المناعي وتوقيتات الرفض
تمت متابعة الاستجابات المناعية لمدة 61 يوماً بعد الزرع، وتم تحديد “نافذة زمنية حرجة” لإمكانية التدخل العلاجي، حيث يكون العلاج فعالاً في تثبيط عمليات الرفض في مراحلها الأولى. وأكدت البيانات أن علامات جزيئية مبكرة تظهر بوضوح، مما يتيح فرصة للتدخل المبكر وتحسين النتائج العلاجية.
التقدم في زرع الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً
- تمت الموافقة على إجراء تجارب سريرية لزرع كلى معدلة وراثياً من الخنازير في متلقين بشريين، بهدف تقييم السلامة والفعالية.
- اعتمدت تلك الكلى على تعديلات جينية تشمل إضافة جينات بشرية وتعطيل جينات من الخنزير، بهدف تقليل الاستجابة المناعية ومنع الرفض.
- في مارس 2024، تلقى مريض يدعى ريتشارد سلايمان أول زرعة من نوعه، وظهرت وظائف جيدة للكلى المزروعة قبل وفاته بعد شهرين، داعمة لإمكانية استخدام هذه التقنيات بشكل دائم.
- وفي نوفمبر 2024، تلقّت امرأة أخرى كلية معدلة وراثياً، واستمرت في العمل لمدة 130 يوماً قبل أن تتعرض لرفض حاد، مما يعكس التحديات الحالية ويوضح الحاجة لتحسين الإجراءات والعديلات الوراثية.
التفاعل المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة
أظهرت الدراسة أن تحديد أنماط تعبير الجينات وسلوك الخلايا المناعية يساعد على فهم أدق لآليات الرفض، مع التركيز على خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية التي تلعب دوراً رئيسياً في عمليات الرفض. كما أُثبت أن التدخل العلاجي المبكر يُمكن أن يوقف التفاعل الضار، مما يمثل خطوة مهمة نحو تطوير بروتوكولات علاجية ذات دقة عالية.
التحديات الحالية وأفق المستقبل
- يعاني العالم من نقص حاد في الأعضاء البشرية المتاحة للزراعة، مع وجود ملايين المرضى على قوائم الانتظار، وهو ما يجعل زراعة الخنازير المعدلة وراثياً حلاً محتملاً لهذه الأزمة.
- رغم التقدم الملموس، لا تزال الحاجة قائمة لتطوير تقنيات أكثر دقة وفعالية، تتطلب سنوات من التجارب لضمان السلامة والكفاءة، فضلاً عن الحصول على التراخيص اللازمة.
- يركز الباحثون حالياً على تحسين التعديلات الوراثية والتطوير المستمر للبروتوكولات العلاجية والإنذار المبكر للرفض، مع الأمل في جعل زراعة أعضاء الخنازير خياراً روتينياً خلال العقد القادم، مما قد يُغير مستقبل زراعة الأعضاء على الصعيد العالمي.