نجاح زراعة كلى الخنازير في البشر يقترب أكثر مما نتصور

تقدم علمي في فهم تفاعل الخلايا المناعية مع أنسجة الكلى المزروعة من الخنازير
نجح فريق من الباحثين في رسم خرائط تفصيلية لكيفية تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى المعدلة وراثياً من الخنازير، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئي متقدمة. تأتي هذه الدراسة في إطار جهود طويلة الأمد لمواجهة تحدي رفض الأعضاء المزروعة، خاصة مع تزايد الحاجة إلى أعضاء بديلة بسبب النقص العالمي الحاد.
الكشف عن استجابة الجهاز المناعي وتوقيتاتها
- تم تحديد علامات جزيئية مبكرة لعملية الرفض، ظهرت في اليوم العاشر من الزرع، وبلغت ذروتها بعد 33 يوماً.
- هذه النتائج تساعد على فهم أن عملية الرفض لا تبدأ بسرعة فحسب، بل تتطور على مر الزمن، مما يتيح فرصة للتدخل العلاجي المبكر.
ولمدة 61 يوماً بعد الزرع، قام الباحثون بمراقبة الاستجابات المناعية لتعزيز فهم التفاعلات وتعزيز استراتيجيات التحكم في الرفض.
آليات رفض الأعضاء وكيفية تعامل الجسم معها
- الرفض بوساطة الخلايا التائية: حيث تتعرف الخلايا اللمفاوية التائية على المستضدات الغريبة وتتلف الأنسجة المزروعة.
- الرفض بوساطة الأجسام المضادة: إذ تتكون أجسام مضادة موجهة ضد مستضدات النسيج، وتلتصق بالأوعية الدموية، مما يؤدي إلى تلف الأنسجة.
تعد هذه التفاعلات من أكبر التحديات أمام زراعة الأعضاء من الخنازير في البشر، خاصة مع بدء التجارب السريرية لزرع الكلى المعدلة وراثياً من الخنازير إلى متلقين بشريين أحياء داخل الولايات المتحدة.
التعديلات الجينية وتحسين توافق الأعضاء
- تم تعديل الكلى وراثياً بعشرة تعديلات تشمل إدراج ست جينات بشرية، وتعطيل أربع جينات من الخنزير تقلل من خطر رفض الجسم أو تعيق نمو الأعضاء.
- هذه التعديلات تهدف إلى تقليل استجابة الجهاز المناعي وزيادة احتمالية بقاء الأعضاء المزروعة لفترات أطول.
وفي عام 2024، تلقت مريضة حتى الآن 130 يوماً من وظيفة جيدة مع استمرار مراقبة الحالة، مما يعزز الأمل في إمكانية الاعتماد على الكلى المعدلة وراثياً لعلاجات طويلة الأمد.
رسم الخرائط الدقيقة للتفاعل المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة
تم استخدام الخوارزميات الحاسوبية لتحليل أنماط التعبير الجيني وتصنيف خلايا المناعة، مما مكن من رسم خريطة تفصيلية لعملية التسلل والمهاجمة من قبل الخلايا المناعية، لا سيما خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية التي كانت الأكثر انتشاراً.
وكشفت الدراسات أن التدخلات العلاجية الموجهة أدت إلى انخفاض ملحوظ في مؤشرات الرفض، وهو ما يفتح آفاقاً لتطوير بروتوكولات علاجية أكثر تخصيصاً وفعالية.
التحديات العالمية والنقص الحاد في الأعضاء البشرية
- بينما تتزايد عمليات الزرع في العالم، يظل النقص في الأعضاء المتاحة يمثل تحدياً كبيراً، حيث يتوفى العديد من المرضى أثناء انتظارهم للأعضاء اللازمة.
- في الولايات المتحدة، يوجد أكثر من 100 ألف شخص على قوائم الانتظار، مع الحاجة بشكل خاص إلى الكلى.
- رغم زيادة عدد عمليات الزرع بنسبة طفيفة، إلا أن التفاوت لا يزال كبيراً، مع حالات وفاة مرتفعة يومياً بسبب نقص الأعضاء.
وفي التقديرات العالمية لعام 2023، أُجريت حوالي 172 ألف عملية زرع، لكن هذا العدد لا يلبي إلا أقل من 10% من الاحتياجات الواقعية، مما يعكس الحاجة الماسة لتطوير حلول مبتكرة مثل زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً.
آفاق مستقبلية وتحقيق الاستدامة في زراعة الأعضاء
تُشير النتائج الحالية إلى أن تجاوز عقبة الرفض المناعي يقترب، وأن اعتماد زراعة الأعضاء من الخنازير بشكل روتيني أصبح أكثر احتمالاً، بشرط استكمال الدراسات وتطبيق الإجراءات التنظيمية اللازمة.
يهدف الباحثون الآن إلى تحسين التعديلات الوراثية، وتطوير بروتوكولات للكشف المبكر عن علامات الرفض، مما قد يغير مستقبل زراعة الأعضاء ويقدم حلاً دائمًا للأزمة العالمية.