نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يقترب أكثر من المتوقع

خرائط تفصيلية لردود الفعل المناعية للخلايا البشرية تجاه أنسجة الكلى من الخنازير المعدلة وراثياً
نجح فريق من الباحثين في رسم خرائط دقيقة لكيفية تفاعل جهاز المناعة البشري مع أنسجة الكلى المزروعة من خنازير معدلة وراثياً، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئي متطورة. وأدت هذه الدراسة إلى تحديد استجابة المناعة بشكل أكثر تفصيلًا، مما قد يسهم في التغلب على عقبة رفض الأعضاء المزروعة وتحقيق تقدم كبير في مجال زراعة الأعضاء من الخنازير للبشر.
تحديد الاستجابة المناعية ودورها في رفض الأعضاء
- استخدم الباحثون تحليلات تعتمد على التعابير الجينية وسلوك الخلايا المناعية، لتوفير خريطة مفصلة لتسلل الجهاز المناعي إلى الأنسجة المزروعة.
- أظهرت النتائج أن خلايا البلعمية الكبيرة، المعروفة باسم الماكروفاج، والخلايا النخاعية كانت الأكثر انتشارًا طوال فترة الدراسة، مما يعكس دورها الحيوي في عمليات الرفض المناعي.
علامات جزيئية مبكرة ونافذة للتدخل العلاجي
- تم تحديد علامات جزيئية مبكرة للرفض في اليوم العاشر بعد الزرع، وبلغت ذروتها في اليوم الثلاثين إلى الثلاثين والثالث من الزرع.
- هذا يوضح أن الرفض لا يبدأ بسرعة فقط، بل يتطور على مدى أسابيع، مع تحديد نافذة زمنية حاسمة للتدخل العلاجي قبل تفاقم الحالة.
التدخل العلاجي وتحسين فرص بقاء الأعضاء المزروعة
- راقب الفريق الاستجابات المناعية لمدة 61 يوماً بعد الزرع، مما سمح بتحديد «نافذة زمنية حرجة» يمكن خلالها تطبيق علاجات خاصة للحد من التفاعل المناعي الضار.
- تشير النتائج إلى أن التدخل المبكر أثناء هذه الفترة يمكن أن يقلل من مخاطر رفض العضو ويحسن احتمالات استمراريته.
التحديات المتعلقة بنقص الأعضاء الإنسانية وسبل الحلول
يواجه العالم نقصاً حادًا في الأعضاء البشرية المتاحة للزراعة، مع وجود عدد كبير من المرضى على قوائم الانتظار، خاصة أولئك الذين يحتاجون إلى عمليات زرع الكلى.
- في الولايات المتحدة، يتجاوز عدد المنتظرين عملية زرع الأعضاء 100 ألف شخص، ويحتاج حوالي 86% منهم إلى كلية جديدة.
- على الرغم من زيادة إحصائيات الزرع في عام 2024، إلا أن الفجوة بين الطلب والإمداد تظل كبيرة، مما يؤدي إلى وفاة العديد من المرضى أثناء الانتظار.
استخدام الكلى المعدلة وراثيًا كحل وُعُدي
- تمت الموافقة على تجارب سريرية في الولايات المتحدة لاستخدام الكلى المعدلة وراثياً من الخنازير، بهدف توفير أعضاء بشكل أكثر توافقًا مع الجهاز المناعي البشري وتقليل احتمالية رفض الجسم للزرعة.
- تضمن التعديلات الجينية إضافة جينات بشرية وتعطيل أخرى من أجل تقليل مخاطر رفض الأعضاء، وتحقيق استدامة في وظائفها.
النجاحات والتحديات المستمرة في زرع الأعضاء من الخنازير
- في مارس 2024، أُجري أول زرع كلية خنزير معدلة وراثيًا لرجل يعاني من الفشل الكلوي، وظهرت الكلية تعمل بشكل جيد، رغم وفاته بعد شهرين، مبررًا أن السبب لم يكن رفض العضو على الأرجح.
- وفي نوفمبر من نفس العام، تلقت امرأة أخرى كلية معدلة، واستمرت الوظيفة لمدة 130 يوماً قبل أن تتعرض لرفض حاد، مما يعكس تقدمًا وتحديات ينبغي التغلب عليها.
التفاعل المناعي بين الإنسان وأعضاء الخنزير المزروعة
توفر الدراسة الجديدة أدق تصور حتى الآن لتفاعل جهاز المناعة البشري مع أنسجة الكلى من الخنازير المعدلة وراثياً، إذ أظهرت أنماط تعبير الجينات وسلوك الخلايا المناعية مدى تعقيد العمليات وتنوعها.
- اعتمد الباحثون على خوارزميات معلوماتية متقدمة لتمييز خلايا المناعة البشرية عن خلايا الأنسجة الخنزيرية، ورسم خرائط دقيقة لتسلل الخلايا المناعية إلى الأعضاء المزروعة.
- تبين أن خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية كانت الأكثر انتشارًا، وتؤكد نتائج الدراسة على دورها المركزي في عمليات الرفض.
آفاق مستقبلية وتحسين العلاجات المناعية
- تشير النتائج إلى أن التدخل المبكر خلال مراحل تفاعلات الخلايا المناعية يمكن أن يقلل بشكل كبير من مخاطر رفض الأعضاء، من خلال تطوير بروتوكولات علاجية موجهة بدقة.
- يُتوقع مع التقدم التقني، أن تصبح زراعة الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثيًا خيارًا أكثر أمانًا وفعالية لعلاج مرضى الفشل العضوي، مما يساهم في سد الفجوة الحادة في توفر الأعضاء.
وفي ظل التحديات التنظيمية والتقنية التي لا تزال قائمة، تظل دراسات مثل هذه خطوة حاسمة نحو جعل زراعة أعضاء الخنزير خيارًا علاجيًا روتينيًا، يعيد الأمل للملايين ويغير وجه طب زراعة الأعضاء في المستقبل القريب.