العلاج الكهربائي للدماغ قد يقلل من مخاطر الانتحار لدى مرضى الاكتئاب

نتائج دراسات حديثة تعطي أملاً جديداً في علاج الاكتئاب الشديد
كشفت مراجعة علمية حديثة عن أدلة قوية قد تُغير وجهة النظر حول فعالية العلاج بالتخليج الكهربائي في علاج حالات الاكتئاب المقاومة للعلاج، مع تأثيرات محتملة على تقليل معدلات الانتحار والوفيات المرتبطة بالاكتئاب.
مراجعة الأدلة وتقييم النتائج
- نشرت الدراسة في دورية Neuroscience Applied، وتعتبر الأولى من نوعها التي تجمع وتحلل الأدلة الحديثة من دراسات سابقة بشكل منهجي.
- تقييمت تأثير ثلاثة أنواع من العلاجات العصبية على الأفكار والسلوكيات الانتحارية لدى مرضى الاكتئاب الشديد، وتشمل: التخليج الكهربائي، والتحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة، وتحفيز العصب المبهم.
ما هو العلاج بالتخليج الكهربائي؟
هو إجراء طبي يُستخدم لعلاج الاكتئاب الشديد واضطرابات نفسية أخرى، يتم على أساس تمرير تيارات كهربائية قصيرة ومنضبطة إلى الدماغ لتحفيز نوبات صرعية مؤقتة، تؤدي إلى تغييرات في كيمياء المخ تساعد على تحسين الحالة المزاجية وتخفيف الأعراض.
ويُـجري هذا العلاج عادة تحت التخدير العام وتحت إشراف فريق طبي متخصص، خاصة في الحالات التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية مثل الأدوية أو العلاج النفسي، مع التركيز على الحالات التي تنطوي على ميول انتحارية أو مقاومة للعلاج.
نتائج الدراسات وأهميتها
- تم فحص 1352 دراسة أولية، وتم اختيار 26 دراسة عالية الجودة، شُـرِح فيها طرق العلاج بشكل مفصل، مع توثيق معدلات الانتحار والوفيات والأفكار الانتحارية.
- تم تحليل نتائج علاج 17890 مريضاً تلقوا العلاج بالتخليج الكهربائي، ومقارنتها مع 25367 مريضاً تلقوا رعاية تقليدية كالدواء.
- أظهرت النتائج تراجعاً في معدلات الانتحار والوفيات بين المرضى المعالجين بالتخليج الكهربي، حيث كان عدد حالات الانتحار 208 مقابل 988 في الرعاية التقليدية، وبلغت حالات الوفاة 511 مقابل 1325 على التوالي.
الفوائد المحتملة والمخاطر
تشير النتائج إلى أن فوائد التخليج الكهربائي قد تمتد إلى تعزيز فرص البقاء على قيد الحياة بشكل عام، وهو ما دفع بعض الخبراء للتساؤل عن تأثير غير مباشر للتقليل من الوفاة. إلا أن بعض الباحثين يرون أن هذا التأثير قد يعود إلى اختيار انتقائي للمرضى ضمن الدراسات.
أما فيما يخص العلاجان الآخران، فكانت النتائج أكثر تحفظاً، حيث إن البيانات عن التحفيز المغناطيسي المتكرر عبر الجمجمة وتحفيز العصب المبهم لا تزال غير حاسمة بشكل كامل. على سبيل المثال، أظهر تحفيز العصب المبهم انخفاضاً كبيراً في معدل الوفاة، ولكن عدد المشاركين كان محدوداً، مما يصعب الاعتماد على هذه النتائج بشكل تام.
تطور العلاج والتأييد الدولي
يشهد العلاج بالتخليج الكهربائي تطوراً مستمراً عبر العقود، ومع ظهور دراسات حديثة أوسع وأكثر دقة، تبيَّن أن فائدته أكبر مما كانت معروفة سابقاً. وتؤكد الهيئات الطبية العالمية أن العلاج آمن وفعّال عند استخدامه وفق بروتوكولات معتمدة وتحت إشراف مختصين.
يُعد هذا العلاج من الخيارات الفعالة في حالات الاكتئاب المقاوم، خاصة مع تزايد أعباء الأزمة الصحية النفسية على مستوى العالم، حيث يعاني أكثر من 300 مليون شخص من الاكتئاب وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، مع تزايد المعدلات خلال السنوات الأخيرة بسبب جائحة كورونا وتأثيراتها المختلفة على الصحة النفسية.
التحديات والأسئلة المستقبلية
- كيف يمكن ضمان تطبيق العلاج بشكل عادل وآمن لجميع المرضى؟
- هل يمكن لنظم الرعاية في الدول النامية توفير هذا العلاج، خاصة مع نقص خدمات الصحة النفسية؟
- ما هي الآثار الجانبية المحتملة مثل فقدان الذاكرة المؤقت أو الارتباك التي قد تظهر بعد الجلسات؟
وبالرغم من الأمل الذي تبثه هذه النتائج، فإن المزيد من الأبحاث الضرورية لتعميق فهم تأثيرات العلاج وأساليبه المثلى لا تزال مطروحة، لضمان تقديم أفضل رعاية ممكنة للمرضى وزيادة ثقتهم في هذا العلاج الفعّال.