نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يقترب أكثر مما نتصور

خرائط تفصيلية لتفاعل الخلايا المناعية مع أنسجة الكلى من الخنازير وتطوير حلول للاستجابة المناعية
تمكن فريق من الباحثين من رسم خرائط دقيقة لكيفية تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى من الخنازير المزروعة، وذلك باستخدام تقنيات تصوير جزيئية متقدمة. يهدف هذا العمل إلى فهم أفضل لآليات الاستجابة المناعية وتحديد مواعيد التدخل العلاجي للحد من رفض الأعضاء المزروعة من قبل الجهاز المناعي للمُتلقي.
تحديد استجابة الجهاز المناعي للزرع
- اكتشاف علامات جزيئية مبكرة للرفض، حيث ظهرت في اليوم العاشر بعد العملية، وبلغت ذروتها في اليوم الثلاثين والثالث والثلاثين.
- مراقبة الاستجابات المناعية لمدة تصل إلى 61 يوماً بعد الزرع، وتحديد “نافذة زمنية حرجة” للتدخل العلاجي.
آلية رفض الأعضاء وكيفية تفاعلها
- الرفض بواسطة الخلايا التائية: حيث تتعرف الخلايا الليمفاوية التائية على المستضدات الغريبة على الأنسجة المزروعة وتهاجمها.
- الرفض بواسطة الأجسام المضادة: حيث تتكون أجسام مضادة ضد مستضدات المتبرع، وتسبب تلف الأوعية الدموية والخلايا في العضو المزروع.
تطوير التداخلات العلاجية
أظهرت الدراسات أن التدخل المبكر يمكن أن يقلل من علامات الرفض، مما يساعد في تحسين فرص بقاء الأعضاء المزروعة على المدى الطويل. هذه النتائج تفتح المجال أمام تطوير بروتوكولات علاجية موجهة أكثر دقة وفعالية.
تقدم في زرع الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً
شهد عام 2024 تطورات مهمة، حيث تم إجراؤ أول عملية زرع كلية من خنزير معدل وراثياً على الإنسان في مستشفى ماساتشوستس، وأظهرت الكلية أداءً جيداً خلال الشهرين الأوّلين، الأمر الذي يبرز إمكانياتها في إحداث ثورة في مجال زراعة الأعضاء.
حالات زرع ناجحة
- ريتشارد سلايمان، الذي تلقى أول كلية من خنزير معدل وراثياً، توفي بعد شهرين من الزرع، لكن دون أن يكون ذلك بسبب فشل الكلية.
- تووانا لوني، التي تلقت كلية من خنزير معدل وراثياً وظلت على قيد الحياة لمدة 130 يوماً قبل رفض العضو تدريجياً.
الملامح الوراثية للتحسين المستقبلي
- تعديل عشرة جينات، بما في ذلك إدراج ست جينات بشرية وتعطيل أربع جينات من الخنزير تقلل من احتمالية رفض الجسم البشري للعضو.
تفاعل الجهاز المناعي بين الإنسان والأعضاء المزروعة
استخدم الباحثون أنظمة خوارزمية لفصل خلايا المناعة البشرية عن خلايا الخنزير، مما مكنهم من رسم خريطة دقيقة لتسلل واستجابة الجهاز المناعي، مع تركيز خاص على الخلايا البلعمية والخلايا النخاعية التي كانت الأكثر انتشاراً، وتلعب دوراً رئيسياً في الرفض المناعي.
الخلايا البلعمية والخلايا النخاعية
- الخلايا البلعمية الكبيرة (ماكروفاج): تقتل الكائنات الدقيقة وتزيل الخلايا الميتة وتحفز باقي خلايا المناعة.
- الخلايا النخاعية: تلعب دوراً في المناعة الوقائية، وتنتقل عبر الدم إلى مواقع تلف الأنسجة أو العدوى.
التدخلات العلاجية وتحسين النتائج
أشارت نتائج الدراسة إلى أن التدخل المبكر أثناء العمليات المناعية يُمكن أن يقلل من معدلات الرفض، مما يمثل خطوة مهمة نحو تطوير بروتوكولات علاجية جديدة وفعالة.
نقص الأعضاء العالمي ودور زراعة الخنازير المعدلة وراثياً
يعاني العالم من نقص حاد في الأعضاء اللازمة للزراعة، حيث تنتظر مئات الآلاف إجراءات زرع، خاصة لمرضى الكلى، ويوجد فجوة كبيرة بين الطلب والعرض. ويمثل زرع الأعضاء من الخنازير المعدلة وراثياً حلاً واعداً لسد هذه الفجوة، رغم التحديات التنظيمية والطبية المستمرة.
تحديات النقص وواقع الزراعة العالمية
- يُقدر أن أكثر من 100 ألف شخص في الولايات المتحدة ينتظرون عمليات زرع، مع توفر أقل من الحاجة بكثير.
- رغم زيادة عدد عمليات الزرع في 2024، إلا أن الحاجة لاتزال عالية، مع وفاة يومية العديد من المرضى أثناء انتظارهم.
- على المستوى العالمي، أُجريت حوالي 172 ألف عملية زرع عام 2023، لكن هذا يمثل أقل من 10% من الاحتياجات الفعلية.
آفاق تحسين العلاجات المناعية
بات من الممكن الآن أن يكون تهديد الرفض المناعي أقل، مع عمل الأبحاث على تطوير تدخلات مخصصة تقلل من مخاطر الرفض، مما يُمهد الطريق لاعتماد زراعة الخنازير بشكل روتيني وسلس في المستقبل القريب.
يأمل الباحثون أن تؤدي التعديلات الجينية وتحسين البروتوكولات إلى جعل زراعة أعضاء الخنزير خياراً علاجياً مأموناً وفعالاً، بحيث يمكن تحويله إلى ممارسة طبية قياسية خلال العقد القادم، مما يساهم بشكل كبير في إنقاذ حياة المرضى حول العالم.