اخبار سياسية

ما سبب تصاعد العنف السياسي في الولايات المتحدة باسم “إنقاذ الوطن”؟

تصاعد العنف السياسي في الولايات المتحدة وتحدياته الراهنة

تشهد الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة مظاهر متزايدة من العنف السياسي، حيث يتبادل الديمقراطيون والجمهوريون والمتعاطفون مع كلا الطرفين الاتهامات بشأن المسؤولية عن تصاعد هذه الظاهرة، مما يعكس حالة من الانقسام السياسي وتدهور الحوار الوطني.

حوادث عنف ذات طابع سياسي وارتفاع وتيرتها

  • في 27 يونيو الماضي، شهدت ولاية مينيسوتا حادثة مأساوية حين استهدفت مواطنة منتخبة وأفراد من عائلتها، حيث أُعلن مقتل النائبة الديمقراطية السابقة ميليسا هورتمان وزوجها، في هجوم سياسي يوصف بأنه تحرك انتقامي.
  • تم خلال ذات اليوم، تقديم المتهم فانس بولتر للمحاكمة، حيث أُجّلت جلسة محاكمته بسبب ظروف احتجازه قاسية، وتوجيه اتهامات بمحاولة اغتيال سياسيين آخرين، إلى جانب تنكره بزي الشرطة وحمل قائمة بأسماء مسؤولين داعمين لحقوق الإجهاض.
  • هذه الأحداث أعادت إلى الأذهان سلسلة من حوادث العنف التي شهدتها البلاد خلال الأشهر الماضية، من بينها عمليات التصفية في مجالات دبلوماسية، ومحاولات هجمات على مؤسسات معارضة أو رموز سياسية، إلى جانب حوادث حرق وتدمير لمقرات رسمية خاصة بالحكومات المحلية.

معدل التصعيد وملامح العنف السياسي عبر التاريخ الأميركي

  • منذ أحداث 6 يناير 2021، سجّل خبراء ومنظمات حقوقية أكثر من 300 حادثة عنف سياسي في البلاد، بعضُها شهد محاولة اغتيال علنية، كبما وقع لمحاولة استهداف الرئيس السابق دونالد ترمب، ومحاولات اغتيال شخصيات سياسية مؤثرة، أو هجمات على مؤسسات حقوقية ودينية.
  • تُظهر الدراسات أن فترات تاريخية محددة، مثل الأربعينيات والخمسينيات، والستينيات الحالية، شهدت نمطاً تصاعدياً في العنف، حيث تعتبر حقبة العشرينيات والستينيات من القرن الماضي من الفترات ذات العنف العنيف، بالإضافة إلى الظرف الحالي الذي يرتبط بالموجة الشعبوية والتوترات الاجتماعية والفكرية.

أسباب ودوافع تصاعد العنف السياسي

تغيرات ديموغرافية واقتصادية

  • تحول البلاد من غالبية سكانية بيضاء إلى تنوع عرقي يربو على نسبة 42% من الأقليات، خاصة بعد أن كانت نسبة السكان البيض حوالي 76% عام 1990، وهو تحول يثير بعض المخاوف والتوترات.
  • التغيرات الاقتصادية المستمرة، حيث تستحوذ نسبة ضئيلة من السكان على ثروات هائلة فيما يعاني معظم الناس من تدهور وضعهم الاقتصادي، مما يفاقم حالة الاحتقان الاجتماعي.

تأثير وسائل الإعلام والخطاب السياسي

  • تشير الأبحاث إلى أن تصاعد تصريحات من قادة سياسيين، خاصة من يمين المحافظين، وتحفيز الجمهور على مقاومة التغييرات الديموغرافية، أدى إلى انتشار نظريات مؤامرة وتحريض على العنف ضد أقلية معينة، مع الإشارة بشكل خاص إلى نظريات “الاستبدال”.
  • وسائل الإعلام اليمينية، خاصة تلك التي تبث عبر الإنترنت، تلعب دوراً أساسياً في تعزيز خطاب المتطرفين، وتصوير الأوضاع على أنها مخطط هدفه تدمير الهوية الأميركية، الأمر الذي يبرر في نظر هؤلاء الاستخدام المفرط للعنف أو التهديد به.

عوامل أخرى

  • التحولات التركيبية والديموغرافية عززت من حالة الانقسام، وهو ما أدى إلى تصاعد مشاعر الخوف والعدائية، خصوصاً مع انتشار نظريات مؤامرة عن التهديد الأبيض، ورفض التعددية الثقافية.
  • التحول الاقتصادي الذي أدى إلى تركز الثروة لدى نسبة صغيرة من السكان، مع انخفاض مستوى الرفاهية لدى الغالبية، زاد من حالة الاحتقان والتطلعات للتغيير عبر وسائل غير سلمية.

موقف المؤسسات والجماعات السياسية من العنف وما الذي يُشجع عليه

  • تشهد البلاد بشكل ملحوظ ارتفاعاً في نسبة الدعوات التي تؤيد استخدام العنف لتحقيق الأهداف السياسية، حيث كشفت استبانات أن أكثر من ثلث الأميركيين يعتقدون أن الأعمال العنيفة يمكن تبريرها لحماية النظام أو استعادة مسار البلاد.
  • بين عامي 2022 و2024، ارتُكبت جميع جرائم القتل السياسي على يد متطرفين يمينيين، الأمر الذي يعكس ارتباط العنف أكثر بالفكر المحافظ والتوجهات القومية المتشددة.
  • هناك أيضاً تصاعد في تهديدات العنف التي تصل إلى أعماق المؤسسات العُليا، خاصة ضد أعضاء الكونجرس والقضاة، مع تزايد التقارير التي تذكر أن التهديدات الرسمية والخطابات التحريضية تتضاعف بشكل ملحوظ.

دور وسائل الإعلام والخطاب السياسي في التصعيد

  • انتقد خبراء ودارسون وسائل الإعلام، معتبرين أنها تساهم بشكل كبير في تغذية الانقسامات عبر التركيز على الأخبار المثيرة والمنحازة، إلى جانب تصوير المعارضين كأعداء، مما يؤدي إلى تبني مواقف متطرفة ومستعدة لاستخدام العنف.
  • على الجانب الآخر، يُتهم بعض القادة السياسيين، خاصة من اليمين، بدعم خطاب تصعيدي وتبرير أعمال العنف، في حين أن توجهات الطرف الآخر أكثر تحفظاً ورفضاً للعنف، رغم وجود مؤشرات على تزايد الميل لاستخدام القوة كرد فعل على التحديات الكبرى.

الخلاصة والتحديات المستقبلية

يشير الوضع الحالي إلى وجود أزمة حقيقية تتطلب جهوداً وطنية لإعادة نبض الحوار والتفاهم، والتركيز على بناء بيئة سياسية أكثر اعتدالاً، وتطوير سياسات تنبذ العنف بكافة أشكاله، بهدف حماية الوحدة الوطنية والحد من التدهور الأمني والاجتماعي الذي يعصف بالبلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى