خريطة الديــون العربــية: مــن تحمل الأكثر ومن يتحمل الأقل؟

تصاعد أزمة الديون في الدول العربية وتأثيرها على الاستقرار الاقتصادي
في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية المستمرة، وما يرافقها من تقلّبات في أسعار الطاقة وتباطؤ معدلات النمو، تبرز مسألة الديون العامة كحضور رئيسي يهدد مستقبل الاستقرار المالي والاجتماعي في المنطقة. إذ تحوّلت الديون من أدوات دعم التنمية إلى عبء ثقيل يقف عائقاً أمام التنمية المستدامة في العديد من الدول العربية، مع تزايد الضغوط على الموازنات، وارتفاع تكاليف خدمة الدين، وضعف الإيرادات، وتراجع فرص التمويل الخارجي بشروط ميسرة.
خريطة الديون في العالم العربي: من حافة الخطر إلى هامش الأمان
مستويات الدين العام في الدول العربية
- يختلف حجم الديون بحسب الحاجة التمويلية، وموارد كل دولة، حيث تعتمد نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي على معدلات الإنفاق والإيرادات من الضرائب والصادرات والسياحة.
- وفقاً لتقارير دولية، بلغت نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول كالتالي:
- السعودية: 29.9%
- الإمارات: 32.1%
- العراق: 42.9%
- مصر: 90.9%
- الجزائر: 46.02%
الدول الأكثر ديوناً وأسباب ذلك
- يحتل السودان المرتبة الأولى بنسبة دين بلغت أكثر من 271.98% من الناتج المحلي في 2024، مرجعاً ذلك إلى العقود الماضية من الإفراط في الاقتراض، وسوء الإدارة، والعقوبات السياسية، بالإضافة إلى الانفصال عن الجنوب وتأثيراته الكبيرة على الموارد المالية والإيرادات النفطية.
- لبنان يأتي في المرتبة الثانية بنسبة دين تبلغ 164.13%، حيث أدى الحرب الأهلية والأزمات السياسية والاقتصادية والجائحة إلى انهيار الاقتصاد، وتوقف الدولة عن سداد التزاماتها الدولية.
- أما البحرين، فتحتل المركز الثالث بنسبة 134%، عوضت ارتفاع الدين بواسطة التسهيلات والإنقاذ المالي، رغم الضغوط الناتجة عن تراجع أسعار النفط وزيادة العجز المالي.
الدول الأقل ديوناً
- الكويت تعتبر الأقل ديوناً، بنسبة 3.04%، مع توقع ارتفاعها إلى 7.35%، وتعتزم جمع تمويلات دولية عبر إصدار سندات، مستفيدة من انفتاحها على أسواق الدين العالمية.
- السعودية تأتي في المرتبة الثانية بأكثر من 29.9%، مع جهود لتنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على النفط، ونجحت في الحفاظ على معدلات دين منخفضة نسبياً.
- الإمارات تسجل نسبة معتدلة من الدين إلى الناتج المحلي، وتتمتع باحتياطي أجنبي وفوائض ميزانية، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل.
هل يؤثر الدين على النمو الاقتصادي؟
هناك أجوبة متفاوتة حول مدى تأثير الديون على النمو، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن ارتفاع الدين بشكل مفاجئ، خاصة في الدول ذات الديون العالية، قد يعرقل النمو ويؤدي إلى تقلبات في الناتج المحلي الإجمالي. على الجانب الآخر، فإن استخدام الدين في تمويل الاستثمار وتطوير البنية التحتية يساهم في تعزيز النمو على المدى الطويل، بشرط إدارة الدين بفعالية. خاصة أن الدين الخارجي المرتفع يزيد من حساسية الدول للصدمات الخارجية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة أو توترات جيوسياسية، مما يزيد من أعباء سداد الديون ويدعم الحاجة إلى إدارة حذرّة.
الدور التنسيقي لمؤسسات التمويل الدولية
صندوق النقد والبنك الدولي
- يلعب صندوق النقد دوراً رئيسياً في دعم الإصلاحات الاقتصادية، وتقديم المشورة، والتسهيلات التمويلية لدول المنطقة.
- أبرم الصندوق اتفاقيات قروض مع مصر والأردن وتونس والمغرب، ويعمل على مساعدة الدول في تفعيل الإصلاحات الهيكلية، وضبط المالية العامة، وتنويع الموارد الاقتصادية.
البنك الدولي
- يسهم في تمويل مشروعات تنموية، وتحسين البنى التحتية، ودعم برامج الحماية الاجتماعية، خاصة في البلدان التي تعاني من ضغوط مالية حادة.
- يُترجم دوره عبر تقديم تمويلات جديدة، وبرامج دعم موجهة لتحقيق استدامة النمو وتقليص الاعتماد على الدين الخارجي.
هل تتجه الدول العربية نحو أزمات ديون محتملة؟
- بعض الدول، مثل لبنان وسوريا والسودان، تظهر مؤشرات إلى أن أزمة ديون قد تلوح في الأفق، خاصة مع ارتفاع نسبة الدين مقارنة بالناتج المحلي، وتهديدات السياسات المالية والاقتصادية.
- وفي المقابل، فإن دولاً أخرى تتخذ إجراءات لتعزيز ملاءتها المالية، وتنويع مصادر دخلها، والحد من اعتمادها المفرط على الاقتراض، بهدف تجنب الدخول في دوامة أزمات الديون.
- التحدي الأبرز يكمن في إدارة الدين بشكل استراتيجي يراعي الأولويات التنموية، ويقلل من أثر الصدمات الخارجية، مع ضمان استدامة النمو على المدى البعيد.