صحة

نجاح زراعة “كلى الخنازير” في البشر يقترب أكثر مما نتصور

خرائط تفاعلية جديدة تعزز فهم استجابة الخلايا المناعية تجاه أنسجة الخنازير المعدلة وراثياً

تمكن فريق من الباحثين من رسم خرائط تفصيلية لآليات تفاعل الخلايا المناعية البشرية مع أنسجة الكلى المزروعة من خنازير معدلة وراثياً، باستخدام تقنيات تصوير جزيئي متقدمة. يأتي هذا الإنجاز في إطار جهود مستمرة لفهم كيف يمكن التغلب على مقاومة الجهاز المناعي للعضو المزروع، مما يفتح آفاقاً جديدة لتطوير عمليات زرع الأعضاء الخنزيرية كحل طويل الأمد لأزمة نقص الأعضاء حول العالم.

تحديد علامات الاستجابة المناعية المبكرة

  • رصد علامات جزيئية حاسمة للرفض المناعي تظهر مبكراً، بدءاً من اليوم العاشر بعد الزرع.
  • تصاعد علامات الرفض وصولاً إلى الذروة في اليوم الثالث والثلاثين، مما يحدد نافذة زمنية حاسمة للتدخل العلاجي.
  • تمت مراقبة الاستجابات لمدة 61 يوماً، مما ساعد على تحديد فترة مناسبة لتطبيق علاجات تقييد الرفض.

آليات الرفض المناعي وطرق التعامل معها

الرفض المناعي يشمل آليتين رئيسيتين:

  • الرفض بوساطة الخلايا التائية: حيث تتعرف الخلايا اللمفاوية التائية على المستضدات الغريبة، وتهاجم الأنسجة المزروعة.
  • الرفض بوساطة الأجسام المضادة: تتكون أجسام مضادة ضد مستضدات المتبرع، وتلتصق ببطانة الأوعية الدموية، مما يؤدي إلى تلف العضو.

تفاعل الجهاز المناعي مع أنسجة الخنازير المعدلة وراثياً

استخدم الباحثون خوارزميات معلوماتية لتمييز خلايا المناعة البشرية عن خلايا الخنزير، مما أتاح رسم خريطة دقيقة لاستجابة الجهاز المناعي، وتبين أن خلايا الماكروفاج والخلايا النخاعية كانت الأكثر انتشاراً، مؤكدة دورها في عملية رفض العضو المزروع. التدخلات العلاجية خلال الدراسة أدت إلى انخفاض ملحوظ في علامات الرفض، مما يشير إلى إمكانية تعطيله عند اكتشافه مبكراً.

الأمل في سد الفجوة العالمية لأعضاء الزرع

مع استمرار أزمة نقص الأعضاء عالمياً، تعتبر زراعة أعضاء من خنازير معدلة وراثياً حلاً واعداً. إذ تتجاوز الحاجة في بعض الدول الطلب بكثير، مع وجود أكثر من 100 ألف شخص ينتظرون عمليات زرع في الولايات المتحدة وحدها، وتصل نسبة مرضى الكلى منهم إلى 86%. رغم التقدم في عمليات الزرع، لا تزال الفجوة قائمة، مع خسائر بشرية يومية بسبب عدم توفر الأعضاء.

التقدم في تجارب زرع الكلى من خنازير معدلة وراثياً

  • في مارس 2024، تم زرع أول كلية خنزير معدلة وراثياً في مريض بالغ. على الرغم من وفاته بعد شهرين، أظهرت الكلية وظيفة جيدة، ما يؤكد إمكانية الحفاظ على وظيفة الأعضاء دون رفض حاد.
  • وفي نوفمبر 2024، تلقت امرأة عمرها 53 عاماً كلية معدلة وراثياً، وظلت تعمل لمدة 130 يوماً قبل أن تتعرض لرفض حاد، مما يسلط الضوء على التحديات القائمة.

رسم خريطة التفاعل المناعي لعضو الخنزير المزروع

توفر الدراسة الجديدة أدق تصور لتفاعل المناعة بين الإنسان والأنسجة الخنزيرية، عبر تحديد أنماط تعبير الجينات وسلوك الخلايا، خاصة خلايا البلعمية الكبيرة والخلايا النخاعية التي تلعب دوراً رئيسياً في الرفض. هذه النتائج تعزز آمال تطوير علاجات موجهة تقلل من تفاعل الجهاز المناعي الضار وتزيد من فرص نجاح الزرع.

الآفاق المستقبلية والتحديات

  • التحدي الأكبر هو التوافق التام بين الأعضاء الخنزيرية والجهاز المناعي البشري، بحيث يمكن الاعتماد على زراعات روتينية خلال السنوات القادمة.
  • ستركز الجهود المستقبلية على تحسين التعديلات الوراثية للخنازير، وتطوير بروتوكولات للكشف المبكر عن علامات الرفض، بالإضافة إلى إثبات السلامة والفعالية عبر تجارب موسعة.

باختصار، تشير الأبحاث الحالية إلى أن زراعة أعضاء الخنازير المعدلة وراثياً تقترب خطوة من أن تصبح خيارًا علاجياً غير قائم على الأدوية فقط، مما يتيح فرصة لحل أزمة نقص الأعضاء وتحقيق إنقاذ حياة ملايين المرضى في المستقبل القريب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى