خريطة ديون الدول العربية: أيها الأكثر عبئًا والأقل تكلفة؟

تصاعد التحديات الاقتصادية والجيوسياسية يدفع معظم الدول العربية إلى أفق الدين
في ظل التحديات المستمرة التي تواجه الدول العربية، من تذبذب أسعار الطاقة إلى تباطؤ النمو، تزداد عبء الديون العامة وتتحول من أدوات تمويل إلى مصادر تهديد للاستقرار المالي والاجتماعي. تتنوع مستويات الدين بين الدول، وتختلف الآثار بحسب مدى قدرتها على إدارة تلك الديون وتوظيفها بشكل فعال لدعم النمو والتنمية.
ما مستويات الدين العام في الدول العربية؟
تعتمد نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي على حجم الإنفاق والموارد المالية المتاحة، ويُستخدم هذا المؤشر لقياس قدرة الدولة على تحمل أعباء الدين وسدادها.
- مثلاً، بلغت نسبة الدين في السعودية 29.9%، وفي الإمارات 32.1%، والعراق 42.9%، فيما وصلت في مصر إلى 90.9% وفي الجزائر 46.02%.
أكبر الدول العربية مدينة ولماذا؟
- السودان: يحتل المركز الأول بنسبة دين عام إلى الناتج المحلي يصل إلى حوالي 272% في 2024، متوقع أن ينخفض إلى 252%، ويرجع ذلك إلى سنوات طويلة من الاستدانة المفرطة، تراكم الديون، وسوء الإدارة، بالإضافة إلى العقوبات الدولية والنزاعات السياسية التي أدت إلى تراجع إيراداته النفطية وانفصال جنوب السودان عام 2011، ما أدى إلى انخفاض كبير في العائدات.
- لبنان: بلغت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي 164.13%، مع ازدياد التضخم والأزمة الاقتصادية منذ 2019، وزيادة العجز المالي، وتوقف الدولة عن سداد سنداتها عقب تفاقم الأزمة وتدهور الأوضاع الداخلية، وصولاً إلى تفجير مرفأ بيروت وتبعاته الاقتصادية.
- البحرين: ثالثة بأعباء دين وصلت إلى 134% من الناتج المحلي، مع توقع زيادتها إلى 141.4% عام 2025، متأثرة بانخفاض أسعار النفط، والضغوط على مواردها، وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.
الدول الأقل ديناً
- الكويت: تعتبر الأقل ديناً بنسبة 3.04% من الناتج المحلي، وتخطط لرفع هذا الرقم إلى 7.35%، من خلال إصدار سندات دولية وبيع أصول لتمويل العجز المالي، مع سعيها لتنويع مصادر التمويل والابتعاد عن الاعتماد الحصري على النفط.
- السعودية: بنسبة تقترب من 30%، وتُعزى جهودها للسياسات المالية الوقائية وتنويع الاقتصاد، مع استمرارها في استدامة الدين بشكل محدود لتعزيز مشاريعها التنموية دون أن يشكل عبئاً كبيراً على اقتصادها.
- الإمارات: بنسبة 32.1%، مع توقعات بارتفاعها إلى 32.8%، وتظهر من خلال إدارتها الحكيمة لمواردها وتنوع اقتصادها ضد مخاطر الدين المتصاعدة في المنطقة.
هل تؤثر الديون على النمو الاقتصادي؟
هناك جدل حول مدى تأثير الدين على النمو، حيث تشير دراسات إلى أن ارتفاع الدين بشكل مفاجئ يؤثر سلباً على الناتج المحلي الإجمالي خاصة في الدول ذات مستويات الديون المرتفعة، بينما يُعد الدين عاملاً داعماً للنمو في الدول ذات الدخل المنخفض التي تستثمره في مشاريع التنمية والبنية التحتية.
- استخدام الديون في الاستثمار البنّاء مثل البنية التحتية والتعليم والصحة يساهم في دعم النمو على المدى المتوسط والطويل.
- أما إن تخصص الحكومات جزءاً كبيراً من إيراداتها لسداد فوائد الديون، فذلك يحد من الموارد المتاحة للاستثمار في المشاريع التنموية.
كما أن ارتفاع الدين، خاصة الخارجي، يجعل الدول أكثر عرضة للصدمات الخارجية مثل تقلبات أسعار الفائدة وأسعار الصرف، ما قد يعقد مهمتها في الحفاظ على استقرار اقتصادها.
دور المؤسسات المالية الدولية في المنطقة
يلعب صندوق النقد والبنك الدولي دوراً محورياً في تقديم المشورة والدعم المالي للدول العربية، حيث ينفذان برامج إصلاح وتمويل لمساعدتها على إدارة أعباء ديونها وتنويع اقتصادها.
- قدم صندوق النقد دعمًا كبيرًا من خلال برامج قروض متخصصة، ورافق جهود الإصلاح التي تنفذها الحكومات منذ أحداث الربيع العربي.
- أما البنك الدولي، فساهم بتمويلات متنوعة، تركز على تنمية قدرات الحكومات وتحسين شبكات الأمان الاجتماعي، وتوفير فرص التمويل لمشاريع الإصلاح الاقتصادية.
وتظل الحاجة قائمة لمزيد من الإصلاحات وتحقيق التوازن بين إدارة الديون واستثمارها بشكل يحقق النمو المستدام والاستقرار المالي على المدى الطويل.