اقتصاد

هل تبدأ كرة الثلج لوكالات التصنيف الائتماني الإقليمية في أفريقيا في الانطلاق؟

تصاعد جهود القارة الأفريقية لتأسيس وكالات تصنيف ائتماني إقليمية وتحدياتها

تتصاعد في أفريقيا الدعوات لإنشاء وكالات تصنيف ائتماني إقليمية تسهم في تحسين تقييمات مخاطر الدول والمؤسسات، وذلك في ظل الانتقادات الموجهة لنُظُم التصنيف العالمية التي يراها الكثيرون غير معبرة بشكل كامل عن السياقات الاقتصادية والسياسية المحلية، وتؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض وتحجيم قدرات التمويل للقارة.

ما هي وكالات التصنيف الائتماني ومعاييرها؟

  • وكالات التصنيف الائتماني هي مؤسسات مستقلة تُقيّم الجدارة الائتمانية للدول والشركات عبر إصدار تصنيفات تعكس مستوى المخاطر المرتبطة بقروضها والتزاماتها.
  • تصنف التصنيفات عادة وفقاً لمستوى القدرة على السداد، حيث تشير التصنيفات العالية إلى قدرة قوية، والمنخفضة تعني مخاطر مرتفعة.
  • تلعب هذه التصنيفات دورًا حيويًا في تحديد تكلفة التمويل، إذ تحصل الجهات ذات التصنيف المرتفع على شروط تمويل أفضل، والعكس صحيح.
  • الوكالات الثلاث الكبرى المسؤولة عن السوق العالمية تشمل: وكالة تصنيف عالمية تعتمد على تحليل مالي شامل مع أخذ الاعتبارات السياسية والتنظيمية في الحسبان، وتستخدم نماذج داخلية يصدر عنها قرار نهائي بعد مراجعة دورية.

هل يوجد وكالات تصنيف إقليمية في أفريقيا؟

  • تخطط أفريقيا لإنشاء وكالة تصنيف ائتماني إقليمية، وهي “AfCRA”، المدعومة من الاتحاد الأفريقي، التي من المتوقع أن تبدأ عملياتها في 2025، مع إصدار أول تصنيف سيادي في 2026.
  • تهدف الوكالة إلى تقديم تقييمات مستقلة وملائمة للاقتصاد الأفريقي، مع التركيز على تصنيفات الديون المقوّمة بالعملات المحلية، لدعم أسواق رأس المال وتقليل الاعتماد على التمويل الخارجي.
  • هناك وكالات تصنيف إقليمية أخرى مثل “ميريس” في مصر، التي تُصدر تقييمات للجهات المالية المحلية، وتحالف “بلتون” المصري الذي يعمل على تأسيس وكالة تصنيف جديدة بالتعاون مع خبراء دوليين.

ما هي التحديات التي تواجه الوكالات الإقليمية؟

  • تكاليف التأسيس العالية: تقدر بنحو 500 مليون دولار، وهو مبلغ صعب جمعه بدون دعم مؤسسي قوي.
  • قلة الطلب على خدمات التصنيف: معظم أدوات الدين محلية ولا تتطلب تصنيفات، مما يقلل من حجم السوق المحتمل.
  • غياب الاعتراف الدولي: المستثمرون العالميون يعتمدون على التصنيفات الصادرة عن وكالات معتمدة، ما يحد من فعالية التصنيفات الأفريقية الجديدة بدون اعتماد دولي.
  • مخاطر تضارب المصالح: خاصة إذا كانت الوكالة مدعومة من جهات قد تتعارض مصالحها أو تمولها الجهات التي تصنفها.
  • جودة البيانات ومصداقيتها: ضعف البيانات في العديد من الدول الأفريقية يعيق دقة التصنيفات ويقلل من شفافية النظام.

هل نجحت تجارب وكالات التصنيف البديلة؟

  • تُبرز التجارب الدولية أن النجاح يتطلب أكثر من التمويل والدعاوى التحرر من الوكالات الكبرى؛ إذ تعتبر الحوكمة الصارمة، والاستقلالية، والابتكار في المنهجيات، وبناء الثقة، عناصر حاسمة.
  • مثلاً، وكالة “داغونغ” الصينية تعرضت لفضائح بسبب التلاعب، وأُوقفت عن العمل، مما يظهر أهمية الحوكمة الجيدة.
  • وفي الهند، واجهت “آي سي آر إيه” انتقادات بسبب التدخلات من عملاء كبار، بينما أظهرت وكالة “سكوب ريتينغ” الأوروبية نجاحاً في الابتكار وتقديم تقييمات تعتمد على معايير بيئية ومخاطر المناخ.

ما هي الانتقادات الموجهة لوكالات التصنيف العالمية من المنطقة؟

  • الشرق الأوسط: مصر وتركيا عبّرتا عن استيائهما من تشدد الوكالات الدولية، التي ترفع من تكلفة التمويل دون مراعاة السياق المحلي.
  • أفريقيا: نيجيريا، غانا، وزامبيا انتقدت خفض التصنيفات، معتبرين أنها لا تفهم بيئة البلاد، وتمارس “ابتزازاً” بزيادة الفوائد. كما أن بعض الدول اعتبرت أن التصنيفات غير عادلة وتؤدي إلى أعباء تمويلية إضافية.
  • منظمات دولية مثل “الأونكتاد” وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تشير إلى أن التصنيفات المجحفة تضر بالتمويل والتنمية الأفريقية، وتثقل كاهل الدول بفوائد مرتفعة وترفُض فرص التمويل.
  • كما أظهر تحليل إحصائي أن التحيز المنهجي ضد أفريقيا غير مؤكد بشكل قاطع، لكنه يشير إلى نقص الشفافية وقلة فهم منهجيات الوكالات، مما يخلق شعوراً بعدم الثقة.

ختام

بالرغم من التحديات، يظل السعي لإيجاد حلول محلية وإقليمية لتقييم الجدارة الائتمانية ضرورة لتحقيق نمط من التصنيف أكثر عدالة وملاءمة للسياق الإفريقي، مع أهمية تطوير الحوكمة، وتحسين جودة البيانات، وضمان الاعتراف الدولي لتحقيق فاعلية أكبر لهذه الوكالات في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى