الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: من يتصدر السباق؟

الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط: تحديات واستراتيجيات لتعزيز الاستقلال الغذائي
تعد قضية الأمن الغذائي واحدة من أهم الأولويات الاستراتيجية لبلدان المنطقة، خاصة مع تزايد الاعتماد على الاستيراد الخارجي لتلبية الاحتياجات الغذائية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، والتغير المناخي، والاضطرابات في سلاسل الإمداد. تعرضت المنطقة خلال جائحة “كوفيد-19” والحروب والأحداث الأخيرة إلى تحديات كبيرة أظهرت مدى الحاجة إلى بناء أنظمة غذائية أكثر مرونة واستدامة.
الجهود المبذولة لتعزيز الأمن الغذائي في المنطقة
- دول الخليج: تعتمد على استراتيجيات استباقية تشمل بناء احتياطيات استراتيجية من الغذاء، والاستثمار بمليارات الدولارات في مشاريع الزراعة المائية والعمودية، وتعزيز الشراكات مع دول منتجة مثل فيتنام ومصر وصربيا وأفريقيا.
- مصر: أعلنت عن خطة شاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، مع استيراد كمية كبيرة من القمح لضمان تغطية الاحتياجات لمدة ستة أشهر، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر بحلول 2026.
- الإمارات: تتبنى استراتيجية وطنية تتضمن 38 مبادرة لتعزيز مساهمة القطاع الغذائي في الناتج المحلي، مع إدارة المخزون الاستراتيجي وتنظيم الأزمات والكوارث.
- السعودية: ركزت على “رؤية 2030” لتطوير الزراعة الذكية، دعم الإنتاج المحلي، وتوسيع الاستثمارات الزراعية الخارجية، مع مخصصات مالية ضخمة لتطوير القطاع.
تصنيف الدول العربية في سباق الأمن الغذائي
تُظهر المؤشرات تنوعاً واضحاً بين الدول العربية في قدرتها على تحقيق الأمن الغذائي. فبينما تعتبر السعودية والإمارات وقطر من الدول الأكثر تقدماً، تواجه اليمن والسودان وسوريا والمغرب تحديات كبيرة تؤخر تقدمها نتيجة عوامل اقتصادية وسياسية وبيئية.
المبادرات والاستثمارات المحلية
- السعودية: أطلقت مبادرات دعم الزراعة المحلية، وركزت على استغلال التقنيات الحديثة، وزيادة المخزونات الاستراتيجية، واستثمار خارجياً في أراضٍ زراعية.
- مصر: تتوسع في مشاريع استصلاح الأراضي وزراعة المحاصيل الاستراتيجية، مع ارتفاع نسبة الاكتفاء الذاتي وتطوير البنية التحتية الزراعية.
- الإمارات: تستثمر في الزراعة العمودية والتكنولوجيا الزراعية الحديثة، وتعتمد على شركات متخصصة لضمان استدامة الإمدادات.
- قطر: تركز على تعزيز الإنتاج المحلي باستخدام التقنيات الحديثة، خاصة في قطاع اللحوم والخضروات.
التحديات التي يمكن أن تعيق تحقيق الأمن الغذائي
رغم الجهود المبذولة، تواجه المنطقة عدة تحديات رئيسية، تشمل:
- نقص الموارد المائية: الاعتماد على المياه الجوفية والمياه المحلاة، وارتفاع تكلفة الإنتاج الزراعي.
- ضعف البنية التحتية الزراعية: نقص وسائل الري الحديثة، وشبكات النقل والتخزين التي تؤدي إلى فقدان الإنتاج قبل وصوله للمستهلك.
- تدهور التربة وارتفاع التصحر: تراجع الأراضي الصالحة للزراعة، وتناقص الموارد المائية، وتدهور التربة نتيجة التغير المناخي.
- الاضطرابات السياسية والنزاعات: تؤثر على استقرار الحكومات، وتعيق تنفيذ المشاريع الزراعية الكبرى، خاصة في السودان واليمن وسوريا.
الاستراتيجيات المستقبلية مقابل التحديات
تتطلب مواجهة هذه التحديات تبني استراتيجيات شاملة، تشمل الاستخدام الأمثل للموارد، وتوظيف التكنولوجيا الزراعية الحديثة، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي. كما يصبح من الضروري تنويع مصادر الغذاء، وتطوير الشراكات الخارجية، والاستثمار في مشاريع زراعية خارجية لضمان استدامة الإمدادات الغذائية وتقليل الاعتماد على الأسواق العالمية بشكل مفرط.