هل تنطلق من أفريقيا كرة ثلج لوكالات التصنيف الائتماني الإقليمية؟

تصاعد الجهود لتأسيس وكالات تصنيف ائتماني إقليمية في أفريقيا
تشهد القارة الأفريقية تحركات متزايدة نحو إنشاء وكالات تصنيف ائتماني إقليمية بهدف تحسين تقييمات الاستدانة وتكلفة التمويل، خاصة في ظل الانتقادات التي تواجهها وكالات التصنيف العالمية الكبرى من قبل الحكومات والمؤسسات المالية الأفريقية.
دور وكالات التصنيف ومعاييرها العالمية
ما هي وكالات التصنيف الائتماني؟
- مؤسسات مالية مستقلة تُقيّم الجدارة الائتمانية للدول والشركات، بهدف تحديد قدرتها على سداد الديون.
- تصدر تصنيفات تعكس مستوى المخاطر، حيث ترتبط التصنيفات المرتفعة بقدرة قوية على السداد، والمنخفضة بمخاطر عالية.
- تلعب تصنيفات الوكالات دوراً رئيسياً في تحديد تكلفة الاقتراض، حيث يحصل ذات التصنيف على شروط تمويل مفضلة، والعكس صحيح.
الوكالات الكبرى وسياستها التقييمية
- ثلاث وكالات رئيسية تسيطر على أكثر من 95% من السوق العالمية: ستاندرد آند بورز، موديز، وفيتش.
- تعتمد على تحليل مالي شامل يشمل الميزانية، التدفقات النقدية، ونسب الدين، بالإضافة إلى المؤشرات الاقتصادية والسياسية
- يتم مراجعة التصنيفات بشكل دوري وفقاً لظروف السوق وأداء المؤسسات.
رغم معاييرها العالمية، إلا أن تطبيقها في إفريقيا يتطلب بناء قدرات تحليلية محلية وتحسين جودة البيانات لتعزيز الفعالية والشفافية.
هل توجد وكالات تصنيف أفريقية تنافس الكبار؟
تعمل حالياً مبادرات مثل وكالة «آفريكا كريديت ريتنغ» على إطلاق تصنيفات إئتمانية مستقلة لتقديم بديل عن الوكالات العالمية، مع التركيز على تقييم الديون المحلية وخفض الاعتماد على التمويل الخارجي.
كما توجد وكالات وطنية، مثل وكالة «ميريس» في مصر، التي تستند إلى منهجيات عالمية مع تكييفها للسوق المحلي، وبدأت في إصدار تقييمات للدين والأوراق المالية.
وفي إطار تعزيز القدرات، يُعمل بالتعاون مع جهات متنوعة على إطلاق وكالات تقييم جديدة، رغم التحديات المرتبطة بالتكلفة والطلب السوقي وقلة الاعتراف الدولي.
التحديات التي تواجه وكالات التصنيف الإقليمية
- التكاليف المرتفعة: تقدر كلفتها بنحو 500 مليون دولار، وهو مبلغ يصعب جمعه من خلال دعم مؤسساتي محدود.
- نقص الطلب: الاعتماد على أدوات الدين المحلية يقلل من الطلب على التصنيفات الدولية.
- الاعتراف الدولي: غالباً ما يقتصر الاعتراف على التصنيفات الصادرة من وكالات مرموقة ومعتمدة عالمياً، مما يعيق فعالية الوكالات الإقليمية الجديدة.
- مخاطر التضارب: التمويل من جهات ذات مصالح ممكن أن يثير مخاوف تداخل المصالح والشفافية.
- جودة البيانات: ضعف البيانات في بعض الدول الأفريقية يهدد دقة التصنيفات وموثوقيتها.
نماذج تجارب بديلة ودرر من النجاح والإخفاق
- نموذج «داغونغ» في الصين: أظهر كيف يمكن أن تؤدي الحوكمة الضعيفة والتدخل السياسي إلى فقدان الثقة، رغم دعمها المحلي، حيث تعرضت للتعليق والتراجع.
- وكالة «آي سي آر إيه» في الهند: أُنتقَدَت بسبب تدخلات من كبار العملاء، مما أثر على نزاهة التصنيفات.
- تجربة «سكوب ريتينغ» الأوروبية: نموذج مستقل يدمج تقييمات بيئية ومخاطر المناخ، مما أكسبها احتراماً على مستوى أوروبا، وحقق نجاحات في بعض الأنظمة المصرفية.
الانتقادات الأوروبية والعالمية لوكالات التصنيف العالمية
- حُرمت بعض الدول من تقديرات عادلة، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث اعتبر بعض الوزراء أن الوكالات تتجاهل السياق الاقتصادي والأزمات المحلية، وتضع تكاليف تمويل مرتفعة تؤدي إلى أعباء إضافية.
- اتهمت تركيا وأفريقيا الوكالات الكبرى بمحاولة تسييس التقييمات، بهدف تقويض استقرار العملة والنظام المالي.
- انتقدت أيضًا الدول من نيجيريا وغانا وزامبيا التصنيفات التي ترفع فوائد الاقتراض بشكل غير مبرر، وتؤثر سلباً على فرص التمويل والتنمية.
وفي موازاة ذلك، أشار تقارير دولية إلى أن منهجيات التقييم يجب أن تكون أكثر شفافية وتفهماً للخصوصية الاقتصادية، مع ضرورة تطوير نماذج تقييم محلية تسمح لأفريقيا بالحد من الاعتمادية على التصنيفات الخارجية وتحقيق استدامة مالية أكبر.