اقتصاد

من يتصدر سباق الأمن الغذائي في الشرق الأوسط؟

أهمية الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وتحدياته المستقبلية

يعتبر الأمن الغذائي من الأولويات الاستراتيجية في دول منطقة الشرق الأوسط، حيث تعتمد معظم الدول بشكل كبير على الاستيراد الخارجي لتلبية احتياجاتها الغذائية. تزايد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى تغيّر المناخ واضطرابات سلاسل الإمداد، يعكسان التحديات الكبرى التي تواجه جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز قدرات المنطقة على الصمود في مواجهة الأزمات. خلال فترات الجائحة العالمية، والأزمات الدولية مثل الحرب الروسية الأوكرانية، برزت الحاجة الماسة إلى استراتيجيات متكاملة لضمان استمرار الإمدادات وتنوع المصادر.

الجهود والاستراتيجيات لتعزيز الأمن الغذائي في المنطقة

دول الخليج نموذجاً في مواجهة الفجوة الغذائية

  • اعتماد بناء احتياطيات استراتيجية من الأغذية لمواجهة الأزمات.
  • الاستثمار بمليارات الدولارات في مشاريع الزراعة المائية والعمودية.
  • تعزيز الشراكات مع دول منتجة مثل فيتنام، مصر، صربيا، وناميبيا.

جهود دول أخرى للتعافي من التحديات

  • لبنان ومصر تواجهان تحديات متعلقة بتقلبات أسعار العملة وارتفاع تكاليف الواردات.
  • برامج تمويل وتوسعات في مشروعات الاستصلاح الزراعي لتعزيز الإنتاج المحلي.

نماذج ناجحة في المنطقة

  • السعودية: تتبنى «رؤية 2030» لزيادة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي، مع استثمار مئات المليارات خلال السنوات القادمة.
  • الإمارات: أطلقت استراتيجية وطنية تشمل 38 مبادرة لتعزيز الإنتاج الغذائي، وتنظيم المخزون الاستراتيجي خلال الأزمات.
  • مصر: أعلنت عن خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في عدد من السلع، مع استيراد كميات كبيرة من القمح ضمن سعيها لزيادة الاحتياطي.

مقارنة بين الدول العربية في مدى التقدم في الأمن الغذائي

تظهر مؤشرات الأمن الغذائي اختلافات كبيرة بين الدول العربية، مع تصنيف السعودية والإمارات وقطر كأكثر الدول تقدماً، بينما تتصدر اليمن والسودان وسوريا والمغرب قائمة الدول الأكثر تراجعاً بسبب التحديات السياسية والبيئية والاقتصادية.

نماذج قيادية وآفاق التقدم

  • السعودية: تبني استراتيجيات دعم الزراعة المحلية، وتوسيع الاستثمارات الخارجية، وتطوير المخزونات الاستراتيجية.
  • الإمارات: تركز على التكنولوجيا الزراعية، والزرعة العمودية، والشراكات الدولية لضمان الإمدادات.
  • قطر: تعمل على زيادة الإنتاج المحلي من اللحوم والخضروات، والاستثمار في الزراعة داخل البيوت المحمية.

أما الدول التي تواجه تحديات كبيرة فهي:

  • اليمن، التي تعاني من الحرب المستمرة والأزمات الاقتصادية.
  • السودان، رغم موارده الزراعية، يواجه ضعف الاستقرار والبنى التحتية.
  • سوريا، التي تتعافى من آثار الحرب الطويلة، ولا تزال تعاني من تداعياتها على قطاع الزراعة.
  • المغرب، الذي يتأثر بشكل خاص من موجات الجفاف وندرة الموارد المائية.

دور الاستثمارات الداخلية والخارجية في دعم الأمن الغذائي

الاستثمارات الوطنية وتنوع مصادر الإنتاج

  • السعودية تستثمر في مشاريع استصلاح الأراضي، وتطوير الزراعة الذكية، ودعم الإنتاج المحلي عبر صندوق التنمية الزراعية.
  • مصر تعمل على استصلاح مليون فدان باستخدام التقنيات الحديثة، وزيادة الاعتماد على المحاصيل الاستراتيجية.
  • الإمارات تركز على دعم التكنولوجيا الزراعية، خاصة الزراعة العمودية، والاستثمار في شركات الزراعة الذكية.

الاستثمار الخارجي والشراكات الدولية

  • الدول العربية تتوسع في الاستثمار في الأراضي الزراعية خارج حدودها، خاصة في السودان وموريتانيا وشرق إفريقيا، لضمان إمدادات غذائية مستقرة.
  • توقيع اتفاقيات مع شركات عالمية لزراعة محاصيل استراتيجية وتحقيق اكتفاء ذاتي أكبر.
  • الجهود تشمل استحواذات على حصص في شركات زراعية متخصصة وتطوير منتجات ذات قيمة مضافة.

دور الشراكات الدولية في تعزيز الأمن الغذائي

تلعب التعاونات مع قوى إقليمية وعالمية دوراً محورياً في نقل التكنولوجيا الزراعية، وتأمين سلاسل الإمداد، وتوسيع الاستثمارات في الإنتاج الزراعي خارج الحدود. من خلال هذه الشراكات، تسعى الدول إلى تعزيز الأمن الغذائي واستدامته، عبر استثمار أراضٍ، وتطوير تقنيات متقدمة كالزراعة في البيئات القاحلة، وتعزيز قدراتها على مواجهة التحديات المناخية والمائية.

  • تعاون الإمارات والسعودية مع دول مثل السودان ومصر وإثيوبيا، للاستثمار في الأراضي الزراعية وتصدير المنتجات الحيوية.
  • شراكات مع شركات عالمية، مثل شركة “أيروفارمز” لتطوير الزراعة العمودية في المنطقة.
  • استحواذات واستثمارات واسعة، منها حصة مسيطرة للشركة السعودية “سالك” في شركة سنغافورية وتوسعات في مجالات البذور والحبوب.

التحديات التي قد تعيق تحقيق الأمن الغذائي في المنطقة

رغم الجهود المبذولة، لا تزال هناك معوقات جوهرية تعرقل الوصول إلى الاكتفاء الذاتي الغذائي، ومنها:

  • ندرة الموارد المائية، حيث تعتمد أغلب الدول على المياه الجوفية والمياه المحلاة التي ترفع تكاليف الإنتاج.
  • ضعف البنية التحتية الزراعية، خاصة أنظمة الري والنقل والتخزين، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة.
  • نقص التمويل والاستثمار في القطاع الزراعي، بسبب ارتفاع المخاطر وعدم جاذبيته للمستثمرين.
  • مشاكل الأراضي الصالحة للزراعة، والتصحر وتدهور التربة، ونقص المياه العذبة.
  • الاضطرابات السياسية والنزاعات المسلحة، التي تؤثر على تنفيذ برامج التنمية الزراعية والاستقرار السياسي.

تجاوز هذه التحديات يستلزم وضع استراتيجيات متكاملة تدمج الاستخدام الأمثل للموارد، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، وتعزيز التعاون الإقليمي لضمان أمن غذائي مستدام ومرن في المستقبل القريب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى