سباق الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: من يقود السباق؟

مستجدات أمن الغذاء في منطقة الشرق الأوسط: بين التحديات والفرص
يشهد أمن الغذاء في منطقة الشرق الأوسط اهتماماً متزايداً نتيجة الاعتماد المتزايد على الاستيراد وتصاعد التحديات الجيوسياسية والبيئية التي تؤثر على إمدادات الغذاء. تتفاوت القدرات والسياسات بين دول المنطقة، مما يجعل استراتيجيات تعزيز الأمن الغذائي والتوصل إلى الاكتفاء الذاتي محوراً أساسياً لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.
جهود الدول المختلفة لتعزيز أمنها الغذائي
- دول الخليج: تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، وتواجه تحديات في بناء مخزونات استراتيجية وصياغة استثمارات واسعة في الزراعة المائية والعمودية، إلى جانب تعزيز الشراكات مع دول منتجة مثل فيتنام ومصر وصربيا وناميبيا.
- مصر والإمارات: تعملان على وضع خطط وطنية طموحة، تشمل زيادة الإنتاج المحلي واستثمار مليارات الدولارات في مشاريع زراعية متنوعة، مع التركيز على تنويع مصادر الغذاء وتنظيم المخزون الاستراتيجي.
- السعودية: تبنّت ضمن “رؤية 2030” استراتيجية متكاملة لزيادة مساهمة القطاع الزراعي، مع خطط لاستثمار مليارات الريالات وتوسيع الشراكات الخارجية لدعم الأمن الغذائي الوطني.
- قطر: ركزت على رفع معدلات الاكتفاء الذاتي في قطاعات اللحوم والألبان والخضروات، مع اعتمادها تقنيات الزراعة الحديثة داخل البيوت المحمية والتقنيات الصحراوية.
تصنيفات الدول العربية في سباق الأمن الغذائي
- الدول المتقدمة: السعودية، الإمارات، وقطر، التي أحرزت تقدماً كبيراً عبر استراتيجيات وطنية واستثمارية، رغم التحديات المناخية ونقص المياه.
- الدول التي تواجه تحديات كبيرة: اليمن، السودان، سوريا، والمغرب، والتي تعاني من الأزمات السياسية، ضعف البنية التحتية، والنقص في الموارد المائية، مما يعوق تقدمها في هذا المجال.
دور الاستثمارات الداخلية والخارجية
تعمل الدول العربية على تنويع مصادر الاستثمار في القطاع الزراعي، سواء عبر مشاريع محلية أو من خلال الاستثمار الزراعي الخارجي في دول مثل السودان وموريتانيا وشرق أفريقيا، بهدف تأمين الإمدادات وتقليل الاعتماد على الأسواق العالمية. كما تتوسع في الشراكات مع شركات عالمية في مجالات التكنولوجيا الزراعية، مثل الزراعة العمودية والزراعة في البيئات القاسية، لدعم الانتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
الشراكات الدولية وأثرها على الأمن الغذائي
- تتعاون الدول مع قوى إقليمية ودولية عبر استثمارات وملكية من قبيل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي استثمر بمليارات الدولارات في شركات زراعية واستراتيجية، بالإضافة إلى شراكات مع الشركات العالمية المتخصصة في التكنولوجيا الزراعية.
- علاوة على ذلك، تتعاون الدول مع منظمات دولية مثل منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي في تطوير البرامج وتعزيز القدرات الوطنية، وتثبيت سلاسل التوريد الغذائية لتعزيز مرونة الأمن الغذائي على المدى الطويل.
التحديات التي تعيق تحقيق الأمن الغذائي في المنطقة
- ندرة الموارد المائية: تعتمد العديد من الدول على المياه الجوفية والمحلاة، مما يزيد من تكاليف الإنتاج ويحد من توسع الزراعة، خاصة في ظروف المناخ الجاف والمرتفعات التصحر.
- ضعف البنية التحتية: نقص وسائل الري الحديثة، وشبكات النقل والتخزين، مما يسبب فقدان كميات كبيرة من المنتجات قبل وصولها للمستهلك.
- التمويل والاستثمار: يقلل من جاذبية القطاع الزراعي بسبب ارتفاع المخاطر، وضعف التمويل المخصص، وغياب السياسات الداعمة للاستثمار المستدام.
- المشكلة الجغرافية والتغير المناخي: محدودية الأراضي الصالحة للزراعة، وارتفاع معدلات التصحر، وزيادة حرائق الغابات، وتغير المناخ الذي يزيد من وطأة التحديات الزراعية.
- الاضطرابات السياسية والنزاعات: تعيق تنفيذ المشاريع الاقتصادية والتنموية، خاصة في دول مثل اليمن والسودان، مما يقلل من قدرة الحكومات على توفير الأمن الغذائي المستدام.
ختاماً
يمثل بناء أنظمة غذائية أكثر مرونة واستدامة تحدياً استراتيجياً يتطلب تعاوناً اقليمياً ودولياً، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، واستدامة الاستثمارات الداخلية والخارجية، مع التركيز على إدارة الموارد بكفاءة لضمان استقرار الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المنطقة العربية.