اقتصاد

الأمن الغذائي في الشرق الأوسط.. من يتصدر السباق؟

الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط: التحديات والفرص المستقبلية

يبقى الأمن الغذائي من القضايا الحيوية التي تستحوذ على اهتمامات الدول في المنطقة العربية، خاصة في ظل استمرار الاعتماد على الاستيراد الخارجي وتأثير التغيرات الجيوسياسية والبيئية، والتي تزداد حدتها مع تصاعد التوترات والتغير المناخي، مما ي فرض تحديات كبيرة امام تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية.

دور الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية في تعزيز الأمن الغذائي

  • في المملكة العربية السعودية، تمثل الزراعة أحد الركائز الأساسية ضمن رؤية 2030، مع تصاعد مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي من 109 إلى 114 مليار ريال بين عامي 2023 و2024، واستثمار الشركات الكبرى في تطوير الإنتاج الغذائي.
  • أما الإمارات، فهي تعتمد على استراتيجية وطنية تشمل 38 مبادرة تهدف إلى زيادة مساهمة قطاع الأغذية في الناتج المحلي وتعزيز المخزون الاستراتيجي، فضلاً عن تنظيم عمليات التخزين لمواجهة الأزمات.
  • في مصر، تم الإعلان عن خطة لتحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول 2030، مع استثمارات موجهة لزراعة محاصيل استراتيجية كالقمح والبقوليات، بالإضافة إلى زيادة الاحتياطيات الغذائية تدريجيًا.

التقدم والتحديات بين الدول العربية

  • الدول الأكثر تقدماً: تشمل السعودية والإمارات وقطر، التي حققت نجاحات كبيرة عبر تنويع المصادر، دعم الزراعة المحلية، وإنشاء مخزونات استراتيجية، رغم التحديات المائية وخطر تغير المناخ.
  • الدول المتأخرة: مثل اليمن والسودان وسوريا، تواجه تحديات جسيمة من نقص الاستقرار السياسي، ضعف البنية التحتية، والأزمات الاقتصادية، ما يعوق قدرتها على حماية الأمن الغذائي.
  • في المغرب، تستمر موجات الجفاف وتراجع الإمدادات الغذائية بتهديد الأمن الغذائي، بينما تسعى الحكومة لتعزيز الإنتاج الوطني وتقليل الاعتماد على الواردات.

الاستثمارات الداخلية والخارجية ودورها في تعزيز الأمن الغذائي

  • الدول العربية تتبنى مبادرات استثمارية متنوعة، تشمل دعم المشاريع الزراعية الحديثة، والتوسع في تقنيات الزراعة الذكية، خصوصًا في السعودية ومصر والإمارات، بهدف تنويع المصادر وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
  • على مستوى الاستثمارات الخارجية، تتجه بعض الدول إلى شراء أراض زراعية في الدول الإفريقية، لتعزيز الإنتاج وتوفير مخزون استراتيجي يستفيد منه الأسواق المحلية بشكل مباشر.
  • كما تتعاون الدول مع شركات تكنولوجيا زراعية عالمية لتطوير أنماط الزراعة المستدامة، وتقنيات الزراعة في البيئات الصحراوية، مثل الزراعة العمودية والبيوت المحمية.

الشراكات الخارجية وأهميتها في دعم الأمن الغذائي

  • تقوم دول مثل السعودية والإمارات ببناء شراكات مع دول متنوعة لاستثمار أراضٍ زراعية وإنتاج محاصيل استراتيجية، بهدف تنويع مصادر الإمدادات الغذائية واستقرار الأسواق.
  • شهدت عمليات الاستحواذ على حصص في شركات زراعية عالمية، مثل شراء حصص كبيرة من شركات بذور ومحاصيل، زيادة في حجم الاستثمارات، مما يعكس التوجه الاستراتيجي لتعزيز قدرات الإنتاج الغذائي الوطني.
  • من ناحية أخرى، تتعاون مصر مع منظمات دولية كمنظمة الأغذية والزراعة وبرامج الدعم الفني، لتعزيز القدرات الوطنية وتطوير استراتيجيات طويلة الأمد للأمن الغذائي.

التحديات التي تهدد تحقيق الأمن الغذائي في المنطقة

  • نقص الموارد المائية: مع اعتماد أغلب الدول على المياه الجوفية والمحلاة، يظل التحدي الأكبر هو ندرة المياه، خاصة في المناطق الصحراوية، مما يحد من زراعة المحاصيل الأساسية.
  • ضعف البنية التحتية الزراعية: تعاني العديد من الدول من نقص نظم الري الحديثة، ووسائل التخزين والنقل المتطورة، مما يؤدي إلى فقدان كميات كبيرة من الإنتاج قبل التسويق.
  • التحديات التمويلية والاستثمارية: ينظر إلى القطاع الزراعي على أنه مرتفع المخاطر، وضعف جاذبيته للمستثمرين، إضافةً إلى محدودية الأراضي الصالحة للزراعة وارتفاع التصحر وتدهور التربة.
  • الأوضاع السياسية والنزاعات: تؤثر الصراعات المستمرة على بعض الدول مثل اليمن وسوريا والسودان، وتعيق تنفيذ برامج طويلة الأمد لتنمية القطاع الزراعي والأمن الغذائي.

ختاماً

يشهد الواقع العربي جهوداً متباينة في مجال تحقيق الأمن الغذائي، حيث تعمل الدول على الرغم من التحديات الكبيرة على بناء استراتيجيات متكاملة، تجمع بين تنمية الموارد المحلية، وتوسيع الشراكات الاستراتيجية، واستثمار التكنولوجيا الحديثة، لضمان استدامة إمداداتها الغذائية وتقليل الاعتماد على الخارج، في ظل بيئة تتطلب مرونة وتخطيطاً مستداماً لمستقبل أكثر أماناً واستقراراً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى