اقتصاد
الأمن الغذائي في الشرق الأوسط: من يتصدر السباق؟

الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط: تحديات وفرص الاستدامة
يعتبر الأمن الغذائي من أبرز الأولويات الاستراتيجية التي تسعى العديد من دول المنطقة إلى تعزيزها، نظراً لاعتمادها الكبير على الاستيراد الخارجي لتلبية احتياجاتها الغذائية، ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية والاقتصادية، وتغيّر المناخ، واضطرابات سلاسل الإمداد، تتزايد التحديات أمام تحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير مصادر طوّارة وموثوقة من الغذاء للسكان.
الجهود والاستراتيجيات الوطنية لتعزيز الأمن الغذائي
- المملكة العربية السعودية: تركز على دعم القطاع الزراعي ضمن “رؤية 2030″، مع ارتفاع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي من 109 إلى 114 مليار ريال، وتخطط لاستثمار حوالي 24.5 مليار ريال خلال السنوات القادمة في مجال الإنتاج الغذائي.
- الإمارات: تعتمد على استراتيجية وطنية تشمل 38 مبادرة، بهدف زيادة مساهمة قطاع الأغذية في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 مليارات دولار، مع تنظيم المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية خلال الأزمات والكوارث.
- مصر: أطلقت خطة شاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي بحلول 2030، مع استيراد 900 ألف طن من القمح مؤخراً، والعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر بحلول 2026، بزيادة مخزونات تصل إلى 81% في 2025.
مستوى التقدم والتحديات في الدول العربية
- الدول المتقدمة نسبياً: السعودية، الإمارات، وقطر استطاعت أن تضع استراتيجيات فعالة، ترافقها استثمارات في الزراعة الذكية، وتطوير الإنتاج المحلي، وتعزيز الشراكات الخارجية.
- الدول التي تواجه تحديات كبيرة: اليمن، السودان، سوريا والمغرب، حيث تأثرت مواردها المائية، والبنية التحتية، والاستقرار السياسي، مما أضعف قدرتها على تحقيق الاكتفاء الذاتي وغالباً تعتمد على المساعدات الخارجية.
دور الاستثمارات الداخلية والخارجية في تعزيز الأمن الغذائي
- الاستثمارات المحلية: تتنوع بين دعم المشاريع الزراعية باستخدام التقنيات الحديثة، وتطوير سلسلة الإمدادات الغذائية، وزيادة الإنتاج المحلي من خلال مشروعات مهمة مثل استصلاح الأراضي وزراعة المحاصيل الاستراتيجية.
- الاستثمارات الخارجية: تتجه العديد من الدول لشراء أراضٍ زراعية في دول مثل السودان وموريتانيا وشرق أفريقيا، بهدف تأمين موارد غذائية استراتيجية وتقليل الاعتماد على السوق العالمي، ونذكر على سبيل المثال توسع “سالك” في استحواذاتها على حصص استراتيجية في شركات زراعية عالمية.
الشراكات العالمية ودورها في الأمن الغذائي
- تتعاون دول مثل السعودية والإمارات مع دول وشركات دولية لنقل التكنولوجيا الزراعية، وتأمين سلاسل الإمداد، والاستثمار في أراضٍ زراعية خارج الحدود.
- مثال ذلك، شراكات مع شركات عالمية في مجالات التكنولوجيا الزراعية، وتوسعات استثمارية خارجية لشراء المحاصيل الزراعية الهامة.
التحديات التي تعرقل الوصول إلى الاكتفاء الذاتي
- ندرة الموارد المائية: يعتمد الكثير من الدول على المياه الجوفية أو المحلاة، مما يرفع تكاليف الإنتاج ويحد من التوسع الزراعي.
- ضعف البنية التحتية: قلة وسائل الري الحديثة، وشبكات النقل والتخزين، والتي تؤدي إلى فقدان جزء من الإنتاج قبل وصوله للمستهلك.
- عدم كفاية التمويل والاستثمار: إذ تعتبر الزراعة قطاعاً ذا ربحية منخفضة، مع مخاطر عالية، مما يقلل من جاذبيته للمستثمرين.
- الظروف المناخية والتصحر: تنتشر المناطق ذات المناخ الجاف، وارتفاع معدلات التصحر، مع تدهور التربة، وندرة الأراضي الصالحة للزراعة.
- الاضطرابات السياسية والنزاعات: التي تؤثر سلباً على المشروعات التنموية الزراعية، خاصة في دول مثل اليمن والسودان، حيث يحد غياب الاستقرار من قدرة الحكومات على تنفيذ برامج مستدامة.
ختاماً، تتطلب مواجهة هذه التحديات استراتيجيات متكاملة تركز على الاستخدام الأمثل للموارد، التوظيف الفعّال لتكنولوجيا الزراعة الحديثة، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لضمان الأمن الغذائي المستدام في المنطقة.