اقتصاد

الأمن الغذائي في الشرق الأوسط.. من يتصدر السباق؟

الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط: التحديات والفرص

يعد الأمن الغذائي من أهم الأولويات الاستراتيجية لبلدان المنطقة، وسط اعتمادها المتزايد على الاستيراد الخارجي لضمان إمداداتها الغذائية. ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية، والتغيرات المناخية، واضطرابات سلاسل الإمداد، تظهر الحاجة الملحة لتطوير أنظمة غذائية مرنة ومستدامة قادرة على التصدي لهذه التحديات والمتطلبات المستقبلية.

جهود دول الخليج في تعزيز الأمن الغذائي

  • لقد استطاعت دول الخليج، التي تعتمد على الاستيراد بنسبة تصل إلى حوالي 85% من احتياجاتها الغذائية، مواجهة الفجوة من خلال استراتيجيات استباقية مثل بناء احتياطيات استراتيجية، والاستثمار متعدد المليارات في الزراعة المائية والعمودية.
  • علاوة على ذلك، عززت هذه الدول شراكاتها مع دول منتجة مثل فيتنام، مصر، صربيا، وناميبيا لضمان تنويع مصادر الإمداد الغذائي.

التحديات التي تواجه الدول الأخرى

  • أما الدول مثل لبنان ومصر، فتواجه تحديات تتعلق بتقلبات أسعار العملة، وارتفاع تكاليف الاستيراد، وقلة الدعم الموجه للزراعة المحلية، على الرغم من إطلاق برامج تمويل وتوسيع مشروعات الاستصلاح الزراعي.

مبادرات أمن الغذاء في المنطقة

السعودية

  • تسعى لتحقيق هدف استراتيجي خلال رؤية 2030، مع ارتفاع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي من 109 مليار ريال في 2023 إلى 114 مليار ريال في 2024، وتوظيف شركات إنتاج غذائي رئيسية نحو 24.5 مليار ريال خلال السنوات القادمة.

الإمارات

  • أطلقت استراتيجية وطنية للأمن الغذائي تتضمن 38 مبادرة قصيرة وطويلة الأمد، بهدف زيادة مساهمة القطاع الغذائي إلى 10 مليارات دولار في الناتج المحلي، وتنظيم المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية خلال الأزمات والكوارث.

مصر

  • أعلنت عن خطة شاملة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف السلع، خاصة القمح والسكر، بزيادة المخزون لتحقيق الاكتفاء لنحو 6 أشهر، مع استهداف الوصول إلى 70% من الاكتفاء الذاتي للقمح بحلول عام 2030.

موقع الدول الأكثر تقدماً والمتأخرة في تحقيق الأمن الغذائي

  • الدول العربية التي تتصدر مجال الأمن الغذائي تشمل السعودية، الإمارات، وقطر، فيما تعتبر اليمن، السودان، سوريا، والمغرب من الدول التي تواجه تحديات كبيرة نتيجة الظروف الاقتصادية والسياسية والبيئية.
  • تميّزت السعودية بجهود شاملة ضمن رؤية 2030 لدعم الزراعة الذكية والاستثمار الخارجي، حيث أنشأت مخزوناً استراتيجياً، وزادت من الاستثمارات الزراعية بالخارج.
  • أما الإمارات، فقد ركزت على دعم التكنولوجيا الزراعية، خاصة الزراعة العمودية، وأطلقت استراتيجيات طويلة الأمد لتحقيق مرونة غذائية تستهدف 2051.
  • قطر استثمرت بشكل كبير في الإنتاج المحلي، خاصة في قطاع اللحوم والدواجن، واستثمرت في الزراعة داخل البيوت المحمية باستخدام تقنيات متقدمة.
  • أما الدول المتأخرة كاليمن والسودان، فتواجه تحديات كبيرة من النزاعات المستمرة، وتدهور البنية التحتية، وإشكاليات أمنية وزراعية، تقلل من قدرتها على تلبية احتياجات سكانها الغذائية.

دور الاستثمارات الداخلية والخارجية في تعزيز الأمن الغذائي

  • شهدت المنطقة عدة مبادرات استثمارية، تهدف إلى دعم الإنتاج المحلي وتنويع مصادر الغذاء عبر مشاريع زراعية وتقنيات حديثة، مع توسع في الاستثمارات الزراعية الخارجية لضمان أمن الإمدادات.
  • في السعودية، تم إطلاق مبادرات موجهة لدعم الزراعة المحلية، وخصصت الحكومة مليارات الدولارات للاكتفاء الذاتي من الدواجن، والمحاصيل الاستراتيجية.
  • مصر استثمرت في مشروع «مستقبل مصر للإنتاج الزراعي»، بهدف استصلاح أراضي واسعة وزراعة محاصيل استراتيجية لتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي.
  • وفي الإمارات، تم تمويل مشاريع الزراعة العمودية، وزراعة البيئات الصحراوية، والاستثمار في الشركات الزراعية الذكية، إلى جانب توسعات خارجية لأراضٍ زراعية في إفريقيا وأماكن أخرى.
  • كما تنشط دول مثل السودان وقطر في الاستثمار في أراضٍ زراعية خارج حدودها ضمن استراتيجيات «الزراعة الخارجية»، بهدف تأمين إمداداتها وتخفيف الاعتماد على الأسواق العالمية.

الشراكات الخارجية ودورها في تعزيز الأمن الغذائي

  • تلعب الشراكات مع دول إقليمية ودولية دوراً محورياً من خلال نقل التكنولوجيا، وتوسيع سلاسل الإمداد، وتعزيز الاستثمار الزراعي بالخارج.
  • عقدت دول مثل الإمارات والسعودية اتفاقيات مع دول مثل السودان، ومصر، وإثيوبيا، ورومانيا، للاستثمار في أراضٍ زراعية وتحقيق إنتاج محلي من محاصيل استراتيجيّة كالحبوب والأرز والذرة.
  • بالإضافة إلى ذلك، تم توقيع اتفاقيات مع شركات عالمية، مثل التعاون مع شركة “أيروفارمز” الأميركية في تطوير الزراعة العمودية، واستثمارات في شركات عالمية لزيادة الإنتاج الزراعي في السوق المحلية ودعم استدامة السلسلة الغذائية.

التحديات التي تعيق تحقيق الأمن الغذائي في المنطقة

  • ندرة الموارد المائية، خاصة أن معظم الدول تعتمد على المياه الجوفية أو تحلية المياه، مما يرفع تكاليف الإنتاج ويحد من توسعة الزراعة.
  • ضعف البنية التحتية الزراعية، من وسائل ري حديثة وشبكات نقل وتخزين، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة قبل وصول المنتجات إلى المستهلكين.
  • نقص الاستثمارات وارتفاع المخاطر، حيث تُعد الزراعة قطاعاً عالي المخاطر ومنخفض الربحية، مما يضعف رغبة المستثمرين في دعم القطاع.
  • تدهور الأراضي، وارتفاع معدلات التصحر، وضعف التربة، وقلة المياه، خاصة بسبب تغير المناخ وزيادة ملوحة المياه.
  • الاضطرابات السياسية والنزاعات المسلحة، خاصة في دول مثل اليمن والسودان، مما يعرقل التنفيذ المستدام للمشاريع الزراعية اللازمة لتحقيق الأمن الغذائي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى