اقتصاد
اتصال بدون حدود.. كيف يجعل الإنترنت الفضائي السوق العالمية والعربية أكثر وعودًا
الإنترنت الفضائي: أضواء على مستقبل الاتصال في عالم متغير
رغم اعتماد العالم بشكل متزايد على الكابلات البحرية والأبراج في المناطق الحضرية، لا تزال فجوة الاتصال الرقمي قائمة في العديد من المناطق النائية والريفية، حيث يعيش أكثر من 2.6 مليار شخص خارج نطاق الشبكة. هنا يأتي دور الإنترنت الفضائي، الذي يوفر إمكانية الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية كحلاً واعداً لتقليص هذه الفجوة ودعم جهود التنمية المستدامة في مختلف أنحاء العالم.
متى ظهر مفهوم الإنترنت الفضائي وتطوره
البدايات والتطور المبكر
- في منتصف التسعينيات، ظهرت أولى محاولات تطبيق تقنيات الأقمار الاصطناعية لتوفير خدمة الإنترنت، مع الاعتماد على الأقمار الجغرافية الثابتة الموجودة على ارتفاع حوالي 36 ألف كيلومتر فوق سطح الأرض، والتي كانت تعاني من زمن استجابة مرتفع.
- مع تحسن تقنيات البث والاستقبال، ومستشعرات الأقمار، ظهرت مشغلون مثل HughesNet وViaSat، وبدأت هذه التقنيات تنتقل من النموذج التجريبي إلى الخدمة التجارية.
التحول الكبير مع إطلاق مشروع “ستارلينك”
- في عام 2019، أطلق مشروع “ستارلينك” التابع لشركة سبيس إكس، والذي يعتمد على مجموعة من الأقمار الصغيرة في المدار الأرضي المنخفض (LEO)، موفراً إنترنت عالي السرعة ومنخفض الكمون.
- هذا التقدم جعل الإنترنت الفضائي يبدو قريباً من أداء الألياف البصرية، وفتح آفاقاً جديدة للتوسع والانتشار عالمياً.
تحول الإنترنت الفضائي إلى سوق عالمية واعدة
الخصائص والمميزات
- استخدام شبكات الأقمار الاصطناعية في المدار الأرضي المنخفض يتيح تغطية المناطق النائية والصعب الوصول إليها بشكل أسرع وأسهل من البنى التحتية التقليدية.
- من خلال تكنولوجيا تتبُّع الحزم والأجهزة الطرفية المحمولة، يمكن تقديم خدمة بسرعة تصل إلى 20 ميلي ثانية، وهو أداء يقارب الشبكات الأرضية من الألياف البصرية.
نمو السوق والتوقعات المستقبلية
- حسب دراسات سوقية، ارتفع حجم السوق العالمي من 5.86 مليار دولار في عام 2024 إلى 6.51 مليار دولار في 2025، مع توقعات وصوله إلى 11.35 مليار دولار بحلول عام 2029 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.9%.
- الطلب المتزايد على الاتصال في المناطق الريفية، وتوسع تطبيقات إنترنت الأشياء، ودعم السياسات الحكومية، كلها عوامل تسهم في هذا النمو.
أهمية الإنترنت الفضائي للمناطق المحرومة
الفوائد والمبادرات
- يُعد الإنترنت الفضائي بمثابة ضرورة حيوية للمناطق التي تفتقر إلى البنى التحتية، ويرفع مستوى الوعي والخدمات، ويزيد من فرص النمو الاقتصادي.
- في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يُستخدم الآن بشكل متزايد في المناطق الريفية التي تعاني من نقص في التغطية، وتساعد التقنيات المحمولة على تلبيتها بسرعة وكفاءة.
- وفي الدول النامية، يُساهم بشكل كبير في تحسين معدلات التعليم والصحة، وتقليل الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، وتقديم خدمات الدعم الاجتماعي والتعليم عن بعد.
مستقبل الإنترنت الفضائي في العالم العربي
الفرص والتحديات
- تشهد المنطقة اهتماماً متزايداً بتوظيف الإنترنت الفضائي لتطوير البنية التحتية الرقمية، خاصة في المناطق الصحراوية والجبال والمناطق الريفية، مع توقع نمو السوق بمعدل سنوي مركب يقارب 34% حتى عام 2031.
- تعمل العديد من الدول على تعزيز استراتيجياتها الوطنية لتحقيق هدف الشمول الرقمي، وتحديث خدمات الإنترنت عبر الشراكة مع شركات عالمية، واستثمار في التقنيات الحديثة.
- وفي إطار التوسعات، تتفاوض شركات مثل سبيس إكس مع دول الخليج ومصر والأردن، لتعزيز خدمات الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، ودعم الاتصالات في قطاعات الطيران والنقل والاتصالات العسكرية والمدنية.
التحديات التي تواجه انتشار الإنترنت الفضائي
المعوقات والعوائق
- التشتت التنظيمي: يتطلب إجراء عمليات ترخيص حقوق استخدام الطيف الترددي في كل دولة، مما يبطئ عملية الإطلاق ويعقد التنسيق الدولي.
- النفايات الفضائية: مع إطلاق آلاف الأقمار سنوياً، يزيد خطر الاصطدام بالمركبات الفضائية ويُشكّل تحدياً كبيراً للاستدامة ومخاطر التلوث الفضائي.
-
-
قد يُعرَّض اعتماد أجزاء من المجتمع على مزود واحد مثل “سبيس إكس” للابتزاز أو الإغلاق التعسفي، بالإضافة إلى الاستخدامات العسكرية التي قد تثير مخاطر سياسية وأمنية.
الخلاصة
على الرغم من التحديات والقيود، يُعد الإنترنت الفضائي من أكثر الحلول الواعدة لإيصال الشبكة العالمية إلى المناطق النائية والضعيفة الاتصال، وهو يسهم بشكل رئيسي في تحقيق التنمية المستدامة، وتحقيق الشمول الرقمي، وتقليل الفجوة الرقمية، في منطقتنا والعالم بشكل عام.
