هل يستمر ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج رغم التحديات بعد زيادة المبالغ المحولة؟

التحويلات الخارجية كمصدر رئيسي للعملة الأجنبية في مصر وتحديات استدامتها
يشهد الاقتصاد المصري في الوقت الراهن تحديات متزايدة نتيجة لضغوطات السوق والعملات الأجنبية، مما دفع الحكومة والبنك المركزي إلى تحقيق إنجازات ملحوظة في مجال تحويلات المصريين العاملين في الخارج، التي أصبحت تعتبر من أبرز مصادر النقد الأجنبي للبلاد. وفي ظل هذا المشهد، تبرز أهمية فهم طبيعة هذه التحويلات، وأثرها على الاقتصاد، والتحديات التي قد تواجه استمرار زخمها.
أهم الأرقام والبيانات حول تحويلات المصريين من الخارج
- بلغت قيمة التحويلات في الربع الأول من عام 2025 نحو 8.33 مليار دولار، بزيادة قدرها 84.4% عن الفترة نفسها من عام 2024، والتي كانت حوالي 5 مليارات دولار.
- وصلت التحويلات خلال الشهور التسعة الأولى من السنة المالية 2024/2025 إلى حوالي 26.4 مليار دولار، بارتفاع سنوي يقارب 83%، وهو مؤشر على تغير كبير في سلوك التحويلات بعد الإصلاحات الاقتصادية.
تأثير سياسة تعويم الجنيه المصري على الثقة والتحويلات
في مارس 2024، قامت الحكومة المصرية بتعويم كامل للجنيه ضمن اتفاق مع صندوق النقد الدولي، مما أدى إلى تراجع قيمة العملة بأكثر من 40%. على الرغم من ذلك، ساعد هذا الإجراء في تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء، واستعادة الثقة في القنوات المصرفية الرسمية. وهذا ما انعكس إيجابياً على زيادة معدلات تحويلات المصريين بالخارج، إذ سجلت العام الماضي نمواً كبيراً، حيث بلغت 51.3%، مسجلة حوالي 29.6 مليار دولار، وذلك بفضل الإصلاحات لتعزيز الثقة وتحسين البيئة المصرفية.
التأثيرات على الاقتصاد المصري من خلال هذه التحويلات
تلعب التحويلات الخارجية دوراً محورياً في دعم استقرار الاقتصاد المصري، فهي لا تساعد فقط على تعزيز الاحتياطي النقدي، بل تساهم أيضاً في تنشيط السوق المحلي وتحفيز الاستهلاك، وتخفيف عجز الحساب الجاري. وتشكل هذه التحويلات أحد الدعوم الخمسة الرئيسية للعملة الصعبة، إلى جانب الصادرات، وعائدات قناة السويس، والسياحة، والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
هل ستستمر زخم تحويﻻت المغتربين؟
يُتوقع أن يستمر زخم التحويلات، خاصة مع استمرار السياسات الاقتصادية داعمة لاستقرار سعر الصرف، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن تصل التحويلات إلى حوالي 42 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2028. وتعمل البنوك المصرية على تقديم حوافز لتحفيز التحويلات، من خلال تسهيلات مثل فتح حسابات عبر البعثات الدبلوماسية، وتبني التكنولوجيا الرقمية، بالإضافة إلى مبادرات مثل إصدار سندات دولية وتقديم منتجات ادخارية مغرية للمغتربين.
التحديات التي تواجه استدامة التحويلات
- السوق الموازية تؤدي إلى تهريب الأموال وتقديم عروض صرف مغرية خارج النظام الرسمي.
- العملات المشفرة أصبحت قناة غير رسمية يستخدمها بعض الفئات للتحايل على قيود السوق الرسمية، وهو ما يثير مخاوف من ضعف الرقابة.
- تذبذب الاقتصادات العالمية، خاصة أوروبا وأمريكا، قد يؤثر على دخول المصريين في الخارج وتحويلاتهم المالية، خاصة مع تغيّر سياسات الإقامة والعمل وأسعار الصرف.
وبذلك، فإن استمرارية زخم تحويلات المصريين ستعتمد على قدرة الحكومة والبنوك على مواجهة التحديات، مع مواصلة الإصلاحات ودعم الثقة، لضمان أن تكون هذه التحويلات مصدر دعم دائم للاقتصاد المصري.