ما مدى سلطة ترمب في التدخل العسكري في النزاع بين إسرائيل وإيران؟

مخاطر وتداخلات محتملة في السياسة الأمريكية تجاه الصراع بين إسرائيل وإيران
شهدت الأوساط السياسية والإعلامية مؤخراً مناقشات مكثفة حول احتمالية تدخل الولايات المتحدة في النزاع المتجدد بين إسرائيل وإيران، خاصة مع تصاعد التوترات والضربات الإسرائيلية على أهداف إيرانية داخل الأراضي الإيرانية. وتُعد هذه المناقشات ذات حساسية بالغة، إذ تتعلق بصلاحيات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والنقاش الدائر حول مدى شرعية استخدام القوة العسكرية دون الحصول على تفويض من الكونجرس.
سلطات الرئيس الأمريكية والصلاحيات الدستورية في سياق الأزمات الدولية
- تشير تقارير إعلامية غربية إلى أن إسرائيل، رغم قدرتها على استهداف أهداف إيرانية داخل العمق الإيراني، تفتقر إلى الوسائل اللوجستية الضرورية لتدمير المنشأة النووية الإيرانية الرئيسية، منشأة فوردو، المحصنة تحت الجبال وتخصب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%.
- تملك الولايات المتحدة الأمريكية وسائل جوية وُسعياً عسكرياً متطوراً، مثل القاذفات الاستراتيجية والقنابل الخارقة للتحصينات، والتي تُعد حاسمة في تنفيذ ضربات محددة ضد المنشآت النووية الإيرانية.
- وفي ظل الظروف الراهنة، يُعتقد أن الرئيس ترامب من المحتمل أن يواجه صعوبة في الحصول على تفويض من الكونجرس لاتخاذ قرار عسكري، خاصة أن ذلك قد يُفقد أي حركة مفاجأة وسرعة تعتبر ضرورية في العمليات العسكرية.
الجدل حول سلطة الرئيس في استخدام القوة العسكرية دون موافقة الكونجرس
يثير هذا التصعيد تساؤلات ومخاوف داخل الكونجرس، حيث يسعى نواب ديمقراطيون إلى منع الرئيس من اتخاذ قرارات عسكرية من دون الحصول على إذن مسبق من الهيئة التشريعية. ويُبرز هذا النقاش مجددًا حدود سلطة الرئيس بموجب الدستور الأمريكي فيما يخص إعلان الحرب واستخدام القوة العسكرية.
الأسس القانونية لسلطات الحرب في النظام الأمريكي
الدستور والتوزيع الدستوري للسلطات
- تُقر المادة الأولى من الدستور أن سلطة إعلان الحرب تقع على عاتق الكونجرس حصراً.
- يُعد الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكن مسؤولية التمويل والإمداد تقع على الكونجرس من خلال إقرار التشريعات المالية والضرائب والدين.
تطورات قانونية وتقليص صلاحيات الرئيس
- أدت الحرب الباردة إلى ظهور قوانين تحد من سلطة الرئيس، خاصة بعد حرب فيتنام، حيث أُقرَّ قانون “صلاحيات الحرب” عام 1973 لضبط استخدام القوة العسكرية دون إذن الكونجرس.
- ينص القانون على ضرورة إبلاغ الكونجرس خلال 48 ساعة من أي عملية عسكرية وانهائها بعد 60 يوماً إذا لم يصدر الكونجرس إذنًا، مع السماح بعمل عسكري دفاعي محدود.
تفويض استخدام القوة العسكرية ووضع الحدود
- يُعرف تفويض استخدام القوة العسكرية بأنه أداة يستخدمها الكونجرس لتفويض الرئيس بتنفيذ العمليات العسكرية المحدودة دون إعلان حرب رسمية.
- منذ الحرب العالمية الثانية، لم يُعلَنَ حرب بشكل رسمي، بل اعتمدت العمليات على تفويضات جزئية، مثل الغزو في فيتنام، وحرب الخليج، والحرب على الإرهاب في أفغانستان والعراق.
هل يمكن للرئيس تجاوز البرلمان في اتخاذ القرارات العسكرية؟
بالرغم من أن هناك قواعد دستورية واضحة، إلا أن المحكمة العليا ووفقاً لممارسات سابقة، تسمح للرئيس باستخدام القوة في حالات معينة دون إذن مسبق من الكونجرس، ومنها:
- صد الهجمات المفاجئة: حيث يحق للرئيس أن يتدخل لصد هجوم وشيك أو مفاجئ، استناداً إلى حقه كقائد أعلى.
- حماية المواطنين في الخارج: إذ يحق للرئيس تنفيذ عمليات إنقاذ أو حماية للأمريكيين في الخارج، بناءً على قرارات قضائية وممارسات سابقة.
- سحب القوات: يملك الرئيس سلطة سحب القوات الأمريكية بشكل آمن، حتى إذا أنهى الكونجرس العمليات العسكرية، استناداً إلى سلطة القائد الأعلى.
ختام
تظل مسألة توازن السلطات بين البيت الأبيض والكونجرس في سياق الأزمات الدولية من أبرز التحديات القانونية والدستورية، خاصة مع تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل. ويؤكد القانون الأمريكي أن قدرة الرئيس على اتخاذ القرارات العسكرية يجب أن تتوازن مع الرقابة التشريعية، لضمان عدم تجاوز السلطة الدستورية وتحقيق مصلحة الأمن القومي بشكل مسؤول.