كيف يعوض الرضع عن خسائر الجهاز المناعي؟

استكشاف آليات تعويض الأضرار المناعية الناجمة عن المضادات الحيوية لدى الرضع
كشفت دراسة حديثة نُشرت في دورية “سيل” (Cell) عن آلية جديدة يمكن من خلالها تعويض الأضرار التي تلحق بتطور الجهاز المناعي لدى الرضع نتيجة لاستخدام المضادات الحيوية. تأتي هذه النتائج في سياق البحث المستمر لفهم تأثيرات العقاقير على المناعة المبكرة وكيفية تحسين صحة الأطفال في المستقبل.
نتائج الدراسة وأهميتها
- أجريت الدراسة في مركز سينسيناتي للأطفال الطبي بالولايات المتحدة، وتوصلت إلى أن مكملات الإينوسين تساهم في استعادة التطور الطبيعي للخلايا التائية المناعية وتعزيز مقاومة العدوى في الفئران.
- تفتح نتائج الدراسة أبواباً لتطوير استراتيجيات علاجية محتملة لتحسين جهاز المناعة لدى الأطفال المعرضين للمضادات الحيوية.
الخلفية والأبحاث السابقة
في عام 2017، أظهر باحثون أن استخدام المضادات الحيوية لوقاية حديثي الولادة من الالتهابات الخطيرة غالباً ما يؤدي إلى جهاز مناعي غير مكتمل النمو، مما يزيد من احتمالية تعرض الأطفال لنتائج صحية سلبية مستقبلية، خاصةً الالتهابات التنفسية.
الآليات التي تكشف عنها الدراسة الجديدة
ركز الباحثون على فهم الآليات التي تربط بين المضادات الحيوية والجهاز المناعي للرضع، ووجدوا أن:
- الميكروبيوم المعوي يلعب دوراً محورياً في تدريب الجهاز المناعي، وعند تعطل هذا الميكروبيوم بسبب المضادات الحيوية، يفشل الجهاز في تعلم الدروس الحيوية لمكافحة الالتهابات.
- البحث أظهر أن تعطل البكتيريا المفيدة في الأمعاء يؤدي إلى انخفاض كبير في خلايا الذاكرة التائية الواقية في الرئتين، مما يقلل من القدرة على مواجهة العدوى بشكل سريع وفعال.
الدور الحيوي للبكتيريا المفيدة والإينوسين
أظهرت الدراسة أن نوعاً معيناً من البكتيريا المفيدة، وهو بيفيدوباكتيريوم، ينتج جزيئاً يسمى إينوسين، الذي يعمل كإشارة أساسية لنضوج الخلايا المناعية. عندما تتعرض الأمعاء للمضادات الحيوية، تنخفض مستويات الإينوسين، مما يؤثر سلباً على نضوج الخلايا المناعية وفاعليتها في مقاومة الالتهابات.
تجارب على الرضع وأهميتها
- تم تحليل أنسجة رئة لرضع توفوا لأسباب متنوعة، وأظهرت النتائج أن الأطفال المعرضين للمضادات الحيوية يعانون من نفس العجز المناعي الذي تم ملاحظته في الفئران المختبرية.
- كما لوحظ أن هؤلاء الأطفال يمتلكون عددًا أقل من خلايا الذاكرة التائية المناعية، وضعف في استجابات مناعية بشكل ملحوظ، مع أنماط تعبير جيني مماثلة لتلك الموجودة عند كبار السن، مما يدل على تأثيرات طويلة الأمد على جهاز المناعة.
العلاجات والتوصيات المستقبلية
وتوصل الباحثون إلى أن إعطاء مكملات الإينوسين للفئران الرضيعة المعرضة للمضادات الحيوية أدى إلى تحسين كبير في أداء الجهاز المناعي، إذ ساعد في استعادة التطور الطبيعي للخلايا التائية، وزيادة مقاومة العدوى، وتقليل شدة المرض عند الإصابة. ومع ذلك، يؤكد العلماء على أن استخدام المضادات الحيوية يبقى ضرورياً وفي مواعيدها المحددة، ويجب توخي الحذر عند استخدامها خلال الحمل والرضاعة وحتى تثبيت السلامة من خلال دراسات سريرية مستقبلية.