ارتفاع الأسعار والتوسع الخارجي يعزز أرباح قطاع العقارات في مصر

نمو الأرباح والتوسعات الخارجية في سوق العقارات المصرية خلال الربع الأول
شهدت السوق العقارية في مصر خلال الربع الأول من العام الجاري ارتفاعات ملحوظة في قيم الأرباح، مدعومة بارتفاع أسعار العقارات واستراتيجيات التنويع في مصادر الدخل، خاصة عبر التوسع الخارجي والاستثمار في أنشطة سياحية وفندقية. وتُعزى هذه النتائج إلى تحسن بيئة السوق بفضل خفض أسعار الفائدة وتزايد المبيعات الصيفية، رغم التحديات التي واجهتها بعض الشركات في السوق.
الأداء المالي للشركات الكبرى في السوق العقارية
- بلغ إجمالي أرباح أكبر 6 شركات تطوير عقاري مدرجة في السوق المصري خلال الربع الأول نحو 13.12 مليار جنيه، مقابل 11.49 مليار جنيه لنفس الفترة من العام الماضي، بزيادة نسبتها 14%.
- بلغت الإيرادات الإجمالية نحو 35.41 مليار جنيه مقارنة بـ23.67 مليار جنيه، بارتفاع قدره 49.6%.
تُعد شركات “طلعت مصطفى”، و”إعمار مصر”، و”بالم هيلز”، و”سوديك”، و”مدينة مصر”، و”أوراسكوم للتنمية مصر” من بين أبرز الشركات المقيدة في السوق، حيث تسيطر على حصة كبيرة من الأرباح والإيرادات.
ارتفاع أرباح “بالم هيلز” واستقرار السوق
أرجع الرئيس التنفيذي لشركة “بالم هيلز للتعمير” النمو في الأرباح والمبيعات خلال الربع الأول إلى ارتفاع أسعار البيع، وضبط الشركات للتكاليف، خاصة أن الأراضي المملوكة للشركة تم الاستحواذ عليها بأسعار مناسبة قبل سنوات، مما ساعد في تسعير الوحدات بشكل ملائم للسوق.
كما أعرب عن توقعه بأن مبيعات الوحدات في الساحل الشمالي على البحر المتوسط هذا الصيف ستسهم في تحقيق قفزات إيرادية، مستهدفين مبيعات تصل إلى 120 مليار جنيه، ليصل الإجمالي نهاية العام إلى 200 مليار جنيه.
وأشار إلى أن السوق في فترة استقرار تساعد على وضع سياسات تسعير أكثر توازناً، مع غياب الضغوط التي كانت سائدة في العام الماضي.
تحديات السوق وتأثيراتها الاقتصادية
واجهت مصر منذ سنوات أزمة اقتصادية حادة شملت نقص توافر النقد الأجنبي، وارتفاع التضخم، وتراجع التصنيف الائتماني، مما خلق حالة من التوتر في الأسواق. ومع ذلك، في مارس من العام الماضي، تلقت مصر حزمة إنقاذ دولية بقيمة تزيد على 50 مليار دولار، سمحت للجنيه بالانخفاض بنسبة 40% أمام الدولار، مما ساهم في تجاوز الأزمة والخروج من عنق الزجاجة.
تراجع مبيعات “مدينة مصر” وتأثيراته على الأرباح
شهدت شركة “مدينة مصر للإسكان” تراجعاً حاداً في الوحدات المبيعة بنسبة 60%، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات والأرباح. ويرجع ذلك إلى تأثير ارتفاع أسعار الفائدة وتحرير سعر الصرف في الفترة المقارنة ذاتها. وتعمل الشركة حالياً على محادثات لإطلاق مشاريع جديدة في السوق السعودية بالتعاون مع شركاء محليين.
وبلغت أرباح “مدينة مصر” خلال الربع الأول 793.8 مليون جنيه، بانخفاض نسبته 32.6% مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق، مع تراجع الإيرادات بنسبة 17% إلى 2.562 مليار جنيه.
تنويع مصادر الدخل والتوسع الخارجي
رغم التحديات، تتجه الشركات العقارية المصرية لتوسيع أنشطتها الخارجية وتنويع مصادر دخلها، لاسيما عبر الاستثمار في القطاع السياحي والفندقي، لتعزيز العوائد بالعملات الأجنبية، رغم ارتفاع تكلفة التمويل. وبتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة نتيجة للسياسة التيسيرية للبنك المركزي، من المتوقع أن تتحسن أنشطة التمويل العقاري خلال الفترة المقبلة.
وفي أبريل، بدأ البنك المركزي دورة تيسير نقدي، حيث خفض أسعار الفائدة للمرة الثانية منذ بداية العام، مما يسهم في تحفيز المبيعات وتحسين الظروف التمويلية، خاصة مع محاولة الشركات لتمديد فترات السداد وتخفيض قيمة المقدم لجذب شرائح أوسع من المشترين، خاصة في ظل ضعف آليات التمويل العقاري الرسمية.
تحديات التسليم وارتفاع مدخلات البناء
أما على مستوى التحديات، فتمثل زيادة تكلفة مدخلات البناء، بما في ذلك الأسمنت الذي قفز أسعارُه بنسبة 100%، أحد أبرز المشكلات التي تواجه السوق، مما يؤثر على عمليات التسليم ويزيد من تكاليف المشاريع، وهو ما يتطلب من الشركات ضبط التكاليف والتخطيط بشكل أدق لتلافي التأخير في التسليم وتحقيق التوازن المالي.
ختاماً، يظهر السوق العقارية المصرية مرونة ملحوظة في مواجهة التحديات، مع استمرار توجه الشركات نحو تحقيق تنويع في مصادر الدخل وفتح الأفاق أمام التوسع الخارجي، مع ترقب المزيد من السياسات التمويلية والتسهيلات التي من شأنها دفع السوق نحو نماء مستدام.