الدين العام يعيق طموحات فرنسا في رفع الإنفاق الدفاعي

تحديات التمويل والنمو في السياسة الدفاعية الفرنسية
تواجه فرنسا حالياً مجموعة من التحديات المتعلقة بميزانيتها العامة والقدر على تعزيز قدراتها العسكرية، إذ أن ارتفاع مستوى الدين العام يهدد إمكانية تنفيذ طموحاتها في مجال الدفاع، مما يثير تساؤلات حول قدرة الجيش الفرنسي على مواكبة توسعات الإنفاق المتوقع أن تتضاعف في السنوات القادمة.
تحركات سياسية وطموحات دفاعية
سعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى رفع الميزانية الدفاعية السنوية من حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي إلى ما بين 3 و3.5%، وهو هدف يتطلب مضاعفة الإنفاق إلى نحو 100 مليار يورو بحلول عام 2030. ويهدف هذا الجهد إلى تعزيز أهداف فرنسا في الإنفاق العسكري المباشر، استجابة لمطالب حلف شمال الأطلسي “الناتو” التي ستحددها قمة يونيو في لاهاي، من أجل تلبية الضغوط الأمريكية لتحسين الجهود الأوروبية في مجال الأمن.
الصعوبات التمويلية والتحديات الاقتصادية
- التحديات المالية: تشهد فرنسا تراكماً هائلاً للديون، إذ وصلت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 113% في العام الماضي، وتُعد من أعلى المعدلات في المنطقة، تليها اليونان وإيطاليا.
- العجز المالي: بلغ عجز الموازنة 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2024، وهو أعلى بكثير من الحد الذي حدده الاتحاد الأوروبي والمتمثل في 3%.
- خيارات التمويل المحدودة: يقترح خبراء مثل كليمان بون، ضرورة تطبيق إجراءات جذرية لضمان التمويل، تشمل إصلاحات اقتصادية وتقليل الإنفاق الحكومي، مع ضرورة الشفافية تجاه الرأي العام حول الخيارات الصعبة، نظراً لنقطة انطلاق فرنسا المتأزمة ديونياً.
الآفاق السياسية والتحديات الداخلية
يُعد تشكيل الحكومة ووضع حزمة مالية جديدة لتقليص العجز من الأمور المعقدة، حيث أن التحديات السياسية تجعل من الصعب تمرير الإصلاحات الضرورية لزيادة الإنفاق العسكري. ونتيجة لذلك، يواجه الرئيس ماكرون مأزقاً بين الحفاظ على التزاماته الدفاعية والقيود المالية المفروضة على البلاد.
القدرات العسكرية واستدامة القوة
- الإنفاق واستدامة القوات: يتطلب تعزيز القوات المسلحة زيادة في الإنفاق قادرة على الحفاظ على قوات نووية، غواصات، طائرات مقاتلة، وحاملات طائرات، إلى جانب زيادة عدد جنود الاحتياط.
- التوازن بين القدرات والتكاليف: على الرغم من خطط السنوات القادمة، يتوقع أن تتراجع أعداد الطائرات والدبابات بسبب التكاليف المرتفعة، مما يضع فرنسا أمام تحدي الحفاظ على قدراتها العسكرية على المدى الطويل.
- القدرة على الدخول في حروب طويلة: ينتقد خبراء أن حجم القوات الحالي قد لا يكون كافياً لخوض حروب مستدامة، معبرين عن الحاجة إلى استراتيجيات واضحة لتحجيم التكاليف دون الإضرار بقدرات الدفاع.
الدور الأوروبي والسياسات المشتركة
حراك ماكرون لتقوية أوروبا عسكرياً يدعو إلى دعم الاتحاد الأوروبي في جهود إعادة التسلح، عبر أدوات مثل آليات الاقتراض المشترك وبرامج شراء الأسلحة بشكل جماعي. ومع ذلك، تُعاني السياسات الجديدة من قيود، خاصة مع تفضيل فرنسا عدم استنفاد مواردها المالية، خوفاً من تأثير ذلك على استقرار الأسواق الخارجية.
الخروج بنتائج وتحديات مستقبلية
تتوقع الدراسات أن التكاليف المرتبطة بالاقتراض ستتزايد، وأن الدول المجاورة التي تتجه لزيادة إنفاقها العسكري بسرعة قد تسبق فرنسا، مما يضعها في موقف تنافسي غير مريح. وفي الوقت ذاته، يظل الحفاظ على الترسانة النووية وتطوير القدرات التقليدية تحدياً مستداماً، يتطلب استراتيجيات واضحة وتنسيقاً مع شركائها الأوروبيين لتأمين مستقبل عسكري أكثر مرونة وفاعلية.