رغم وجود رغبة سياسية من اليونان والدول الأوروبية للتوصل إلى حلول بشأن ديون اليونان فى محاولة للحفاظ على عضويتها داخل الاتحاد الأوروبي حتى لا ينفرط عقده، إلا أن هذه الرغبة لم تحمى محادثات ديون اليونان التى احتضنتها مفوضية الاتحاد الأوروبى بالعاصمة البلجيكية بروكسل من التوقف بسبب خلافات واسعة بين الجانبين بشأن الإصلاحات اليونانية.
تبارى الجانبان فى إلقاء مسؤولية توقف المحادثات على الجانب الآخر، المفوضية الأوروبية تؤكد أن الاقتراحات اليونانية غير كاملة، وأنها على قناعة بأنه يمكن التوصل إلى حل بحلول نهاية شهر يونيو الحالى مع تقديم اليونان المزيد من الإصلاحات، والجانب اليونانى يصف مطالب الدائنين بغير المنطقية، محملا صندوق النقد الدولى بشكل أساسي مسؤولية فشل المحادثات، لموقفه القاسى المتشدد بعد أن تمسك بالقيام باستقطاعات إضافية لمعاشات التقاعد وزيادة الضريبة على القيمة المضافة، مطالبا الجهات المقرضة عدم فرض شروط مهينة على بلاده من أجل إقراضها وإبعاد شبح الإفلاس عنها.
انهارت المحادثات عندما رفضت اليونان اقتراح بتقديمها طلب لتمديد اتفاق إنقاذها الدولي لمدة ستة أشهر وأن تلتزم بالشروط، وهى التى كانت تأمل فى التوصل لاتفاق مع المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي بشأن الحصول على معونات تقدر بـ7.2 مليارات يورو.
الشروط التى اشترطتها المفوضية تضمنت قيام أثينا ببرنامج إصلاحات اقتصادية ملزم، وأن تسدد حتى نهاية الشهر الحالى مبلغ 1.6 مليار يورو إلى صندوق النقد الدولى، فيما أكد وزير مالية هولندا يورين ديسلبلوم الذى رأس المحادثات أن أثينا أمامها مهلة حتى يوم الجمعة القادم لتقديم طلب تمديد اتفاق الإنقاذ، وإلا فإن الاتفاق سينقضي بنهاية الشهر، مؤكدا أن الشعور العام داخل المجموعة الأوروبية هو أن أفضل سبيل للمضى قدما فى محادثات ديون اليونان سيكون أن تطلب السلطات اليونانية تمديدا للبرنامج.
خلافات جوهرية تمس الوعود الانتخابية التى تعهد بها الكسيس تسيبراس رئيس وزراء اليونان وزعيم حزب سيريزا اليسارى أدت إلى توقفها، وتحت وطأة هذا الجمود تراجع اليورو “العملة الموحدة للاتحاد الأوروبى”، مسجلا أدنى مستوياته في نحو أسبوعين، مقابل الدولار الأمريكى، والين اليابانى، والفرنك السويسرى الذي يعتبر ملاذا آمنا له، وهو ما يضع عبئا أكبر على الاجتماع القادم لوزراء مالية منطقة اليورو المزمع عقده في وقت لاحق هذا الأسبوع، وغدا الأربعاء سيقرر البنك المركزي الأوروبي هل سيبقي على تمويله الطارئ للبنوك اليونانية التي تشهد إقبالا على سحب الودائع بمعدل يقدر بنحو ملياري يورو أسبوعيا”.
فشل المحادثات قد يكون بداية النهاية لمنطقة اليورو، وذلك لأن الانهيار السريع على غير المتوقع للمحادثات أثار شكوكا حول مستقبل اليونان في العملة الموحدة بعد أن تعهدت حكومة جديدة يقودها اليساريون برئاسة سيبراس رئيس الوزراء بإلغاء صفقة الإنقاذ التي تبلغ قيمتها 240 مليار يورو وإنهاء سياسات التقشف وقطع التعاون مع مفتشي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وليس من الواضح إلى متى يمكن لليونان تحمل الاستمرار بدون مساندة دولية.