يحتفل عدد كبير من سكان العالم فى الحادى والثلاثين من شهر مايو فى كل عام باليوم العالمى لمكافحة التدخين، لتشجيع المدخنين على الامتناع عن استهلاك جميع أشكال التبغ مدة أربع وعشرين ساعة فى جميع أنحاء العالم، كما يسعى المحتفلون بهذا اليوم بشكل أكبر، لجذب الاهتمام العالمى حول السيطرة بشكل واسع على استخدام التبغ، بعد التأثيرات الصحية الخطيرة التى يحدثها فى المدخنين، وتنشر «الوطن» النسخة الخامسة من «أطلس التبغ» 2015 وهو من إعداد مايكل إريكسن، وجوديث ماكاى، ونيل شلوجر وفرهد إسلامى جوميشتابيه وجيفرى دروب.
وكشف التقرير عن أن حوالى 5.8 تريليون سيجارة تم تدخينها فى أنحاء العالم فى 2014، والانخفاضات الكبيرة فى معدلات التدخين فى المملكة المتحدة وأستراليا والبرازيل والبلدان الأخرى التى تطبق قوانين صارمة على نحو متزايد لمكافحة التبغ، قد تم تعويضها بالاستهلاك المتزايد فى بلد واحد، الصين، حيث تستهلك السوق الصينية حالياً سجائر أكثر من كافة البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل مجتمعة أعلى 10 مستهلكين، وتمثل أفريقيا أكبر المخاطَر من ناحية النمو المستقبلى فى تعاطى التبغ، نظراً للنمو الاقتصادى الحركى الحالى بها والنمو السكانى المستمر، فبدون تطبيق سياسات مناسبة للوقاية فى أرجاء القارة، ستفقد أفريقيا مئات الملايين من الأرواح فى هذا القرن بسبب تدخين التبغ.
وأكد التقرير أن التبغ المنقوع فى العسل الأسود «تبغ الشيشة»، أثار طفرة فى الاستخدام خارج قاعدة المستخدمين الذكور الأكبر سناً للشيشة التقليدية، حيث يبدأ أغلب المدخنين المنتظمين التدخين قبل سن 20 عاماً، وقد يكون للشباب أسباب عديدة لبدء تعاطى التبغ، بما فيها حاجتهم أن يظهروا «رائعين» أو «ناضجين» أو «اجتماعيين»، أو لأنهم يعتقدون أن تعاطى التبغ مفيد فى تخفيف الضغط النفسى أو فى السيطرة على الوزن.
يتم ربط تدخين الشيشة أو النارجيلة بارتفاع خطر الإصابة بسرطانات الرئة والشفاه والفم والمرىء، وحيث إن انتشار النارجيلة هو ظاهرة حديثة، فإن الدراسات واسعة النطاق وعالية الجودة على التأثيرات الصحية طويلة المدى لاستخدام النارجيلة لا تزال قيد التنفيذ، ومع ذلك فإن علماء الصحة يتنبأون بكل ثقة بأن تدخين النارجيلة سيتسبب فى نطاق واسع من المرض والوفيات مماثلاً للأشكال الأخرى من التبغ، انتشر استخدام النارجيلة فيما وراء الشرق الأوسط ويمتزج شيئاً فشيئاً بسوق التبغ العالمية أسماء النارجيلة، ففى عام 2012، قامت شركة تبغ قومية باليابان بشراء شركة النخلة، أكبر مصنع لتبغ النارجيلة فى العالم حينها، وكشف التقرير عن أن أكثر من 300 مليون شخص حول العالم، أغلبهم يعيشون فى جنوب آسيا، يستخدمون منتجات التبغ غير المدخن، وفى أكثر من 12 بلداً، تتعاطى النساء التبغ غير المدخن أكثر من الرجال، مما يعكس المعايير المتباينة فى كل ثقافة تستخدم التبغ غير المدخن، يتسبب التبغ غير المدخن فى الإصابة بسرطانات الرأس والعنق دون أدنى شك، فأكثر من 40 نوعاً من منتجات التبغ غير المدخن حول العالم يتم تناولها من خلال الأنف أو الفم، تحدث سلسلة مستمرة من التفاعلات الكيميائية أثناء تحضير منتجات التبغ غير المدخن بين البكتيريا وأوراق التبغ، ينشأ عنها الديناميكية الكيميائية الميكروبية المعالجة التى تؤثر على المواد المسرطنة، وتؤثر هذه الديناميكية على تركيز نفس الكيماويات المميتة فى التبغ غير المدخن التى تتسبب فى مرض متعاطى التبغ القابل للإشعال.
وأكد التقرير أن 124 بلداً على الأقل من بلدان العالم تقوم بزراعة أوراق التبغ، ففى 2012 تمت زراعة ما يقرب من 7.5 مليون طن من أوراق التبغ على حوالى 4.3 مليون هيكتار من الأراضى الزراعية، وتعتبر الصين رائدة إنتاج التبغ فى العالم.
وزراعة التبغ هى عملية معقدة يتخللها استخدام مكثف للمبيدات ومُنظِمات النمو والأسمدة فى البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، التى بها معايير تنظيمية متراخية، بالإضافة إلى أن زراعة التبغ تستحوذ على مساحات أكثر من المحاصيل الغذائية والنقدية الأخرى، كما أنها تستنزف من التربة عناصرها الغذائية.
تقوم الصين بزراعة المزيد من التبغ، وتصنيع المزيد من السجائر، وكذلك استهلاك التبغ أكثر من أى دولة أخرى فى العالم، ولقد أعلنت شركة الصين الوطنية للتبغ أن أرباحها فى عام 2011 كانت 19 مليار دولار أمريكى. وتستفيد الحكومة الصينية مالياً من صناعة وبيع التبغ، وكذلك من الضرائب على التبغ التى تجمعها، ونجد أن شركات التبغ هى من بين أصحاب المصالح الرئيسيين الذين يستفيدون من تجارة السجائر غير المشروعة، فالتهريب يساعد تلك الشركات على توليد أرباح أكبر، من خلال تمكينها من دفع الضرائب المفروضة على التبغ فى ولايات قضائية ذات رسوم أقل، أو تمكينها من عدم دفع الضرائب على الإطلاق.
فى عام 2011، أنفقت كبريات شركات السجائر فى الولايات المتحدة مبلغ 8.37 مليار دولار أمريكى على التسويق، مع أكبر إنفاق على الخصومات لتخفيض سعر السجائر للمستهلكين، ولشركات التبغ باع طويل فى ممارسة النفوذ لتعزيز مخططاتها، أو لزيادة التوعية بالشركة، أو لترويج النوايا الحسنة، وهذا لا يتم بشكل برىء أو لتكون مؤسسات تجارية صالحة، وإنما سعياً لتحقيق «البراءة بالتبعية» ممارسة النفوذ السياسى، وكأغلب المؤسسات التجارية الكبرى، تقوم شركات التبغ بإعطاء التبرعات، وتحاول التأثير على السياسيين، وتمارس النفوذ غير المشروع لدعم علاماتها التجارية، وشركاتها وأرباحها وتمويل الأعمال الخيرية، لكن الفرق هو أن شركات التبغ تفعل هذا لتبيع منتجاً مميتاً ويسبب الإدمان.