السؤال المطروح أمام من يطرح المباردرات لحل الازمة السورية هو …هل تستطيع أى مقاربة سياسية فى سوريا أن ترضى السنه والعلويين معا … وتنهى الخلاف فى نفس الوقت بين إيران ودول الخليج ….. وتقارب بين واشنطن وموسكو بحيث تحفظ لروسيا قاعدتها البحرية فى طرسوس ، وتشعر الولايات المتحدة أنها حصلت على ما تريد فى سوريا ؟ ….هل يمكن حل أزمه تسببت فى قتل أكثر من 250 الف ، وهجرت ما يقرب من نصف الشعب السورى ، وإختلف حولها السوريين والعرب والعجم ؟ ربما هذا ما يسعى إليه المبعوث الدولى إلى سوريا إستيقان دى ميستورا من خلال الخطة التى يعمل عليها المبعوث الدولى وإستغلال الحراك السياسى فى المنطقة .
وتقوم خطة دى ميستورا فى نهايتها على إستدعاء “النموذج العراقى” الذى وضعه ” بول بريمر” الحاكم العسكرى الامريكى السابق للعراق ، ويبدو أن دى ميستورا الذى فشل فى تنفيذ خطته السابقة فى “تجميد ” القتال فى حلب يحمل أفكارا جديدة تستثمر الإجواء الإيجابية بين الغرب وإيران مع الإتفاق التاريخى بين ايران ومجموعة 5+1 ، وتقدم روسيا خطوة للأمام نحو دول الخليج عندما لم تستخدم الفيتو ضد قرار 2216 الخاص باليمن .
الخلطة الجديدة التى يسعى دى مستورا لإقناع الفرقاء السوريين بها تقوم على تنفيذ بيان جنيف الاولى الصادر فى 30 يونيو 2012 لكن بمفردات جديدة تقوم على “تقسيم السطة ” بالطريقة التى قسمها بريمر بحيث يحصل “العلويين الشيعة” على منصب “الرئاسة” الذى سيكون بنفس صلاحيات الرئيس العراقى دون الصلاحيات التنفيذية التى ستحصل عليها الأغلبية السنية فى سوريا من خلال منصب “رئيس الوزراء” ، على أن يكون للرئيس نائبين الأول سنى والثانى علوى ، ويكون لرئيس الوزراء نائب أول علوى ونائب ثان سنى ، وهناك مقترح أن يكون “رئيس البرلمان” من الاقليات الاخرى من غير السنة والعلويين
وتتميز هذه المقاربة أنها تحافظ على بنية الجيش السورى والمؤسسات الحكومية ، كما تتيح هذه الخطة خريطة طريق لحل قضية الرئيس السورى بشار الأسد الذى سيبقى فى منصبه 6 شهور للإشراف الفخرى فقط على ان تنتقل السلطة الى الحكومة بعد أن تتحول سوريا من دولة “رئاسية” إلى دولة ” برلمانية “
ويدعم هذا حديث عن إستعداد طهران لتقديم تنازلات تحفظ لها مصالحها التى كانت فى سوريا خلال العقود الماضية ، كما نقل بعض من زار الكرملين أن الدب الروسى عبر للكثيرين عن ضرورة حل سياسى يحقق مطالب جميع الأطراف السورية دون إستثناء
لكن هذه المقاربة التى لم يتحدث عنها دى مستورا علنيا تواجه بعض التحديات على كافة الاصعدة الداخلية والإقليمية والدولية ، فعلى الصعيد السورى تشعر المعارضة والإئتلاف السورى المعارض أن المستقبل للمعارضة العسكرية خاصة بعد عثرات النظام الاخيرة ، وإقليمياً تشعر الدول التى دعمت المعارضة السورية طوال 4 سنوات أنه حان الوقت لقطف الثمار مع الحديث عن إنهيار قوات الأسد وتراجعها أمام قوات المعارضة التى باتت على أعتاب ساحل اللاذقية ، ودولياً ما زالت الأجواء غير ناضجة بين الدول الغربية وروسيا بإستثناء التوافق على ضرورة حل الملف النووى الايرانى ، وهناك أيضا المخابرات الغربية التى ترى فى إطالة النزاع فى سوريا فرصة ” لتدوير النفايات البشرية “
ويبقى ملف داعش وجبهة النصرة وأحرار الشام التى لا يمكن أن توافق على أى حل سياسى حتى مع إفتراض القبول بخطة دى مستورا ، وهو ما يؤكد أننا أمام نزاع سيطول بغض النظر عن نجاح أو فشل ما يطرحة دى ميستورا فى مفاوضات جنيف الثالثة