المفكر العربي علي الشرفاء يكتب : شهادتي للتاريخ

المفكر الإماراتي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي

 شهادتي للتاريخ أثناء حرب أكتوبر وكان وزارء الأوابك مجتمعون في الكويت وسألني الشيخ زايد – رحمه الله – مساء الاجتماع عن أخبار المؤتمر فأجبته بقراره تخفيض خمسة في المائة من الإنتاج؛ فقال، اطلب لي (مانع)، وزير بترول الإمارات فأوصلته به تليفونيًا وسمعته يأمره بأن يعلن قرار الشيخ زايد بقطع البترول عن أمريكا وأوروبا تدعيمًا لمصر في حرب أكتوبر وتلبية لأمر المرحوم الشيخ زايد 

 أعلن مانع العتيبة في مؤتمر صحفي في الكويت قرار المرحوم الشيخ زايد وانتشر الخبر في الصحف العالمية وبعد يومين أعلنت الدول العربية المنتجة للبترول تبنّي قرار قطع البترول بالكامل، كما صدر من دولة الإمارات 

 تلك شهادتي للتاريخ وكشف كل مزايد على الحقيقة، ولم يوجد في العالم العربي قيادة لا تعرف الخوف ولا تخشى غير الله رب السموات والأرض؛ ومن ذلك المنطلق إتخذ قراره التاريخي منفردًا في لحظة فارقة بين الحق والباطل وكان سباقًا لصنع التاريخ

 وشهادتي لله والتاريخ لتعلم الأجيال العربية صاحب القرار الأول والشجاع على مستوى العالم العربي ، ومهما حاول بعض الناس تغييب الحقيقة مع وجود شخص مثلي شاهد على أخطر قرار في تاريخ الأمة العربية. ومن أجل ذلك كتبت شهادتي للتاريخ لأني شاهد على الحدث

 

 أما بشأن علاقة المرحوم الشيخ زايد رحمه الله بجمهورية مصر العربية، فقد أرسلني إلى القاهرة للتعزية في وفاة المرحوم القائد أنور السادات كما طلب مني اللقاء بالمرحوم حسني مبارك حاملًا له رسالة شفهية فيما يتعلق بموقف المرحوم الشيخ زايد بالنسبة لحق الشعب الفلسطيني ويطلب من المرحوم حسني مبارك موقفًا حازمًا لحل الدولتين وتنفيذ قرار ٢٤٢ الصادر من مجلس الأمن سنة ١٩٦٧م

 في مرحلة المقاطعة العربية الشاملة لمصر بعد اتفاقية كامب ديفيد حطم بخطوته الحواجز النفسية بين الإمارات وبين مصر لعدم إيمانه بقطع العلاقات بين الأشقاء العرب وبدأت الخطوات تتسارع لرفع مقاطعة مصر

في اجتماع القمة في الكويت  للمؤتمر الإسلامي بتاريخ ٢٦/ يناير / ١٩٨٧م التقى المرحوم الشيخ زايد ودار بينهم حديث لا نعلمه في ذلك اليوم وبعد رجوع المرحوم الشيخ زايد من المؤتمر جلسنا على الغداء في جناحه وبعد انتهاء الغداء كل من اعضاء الوفد توجه إلى غرفته وفجأة سمعت صوتًا يناديني وإذ بالمرحوم الشيخ سلطان بن زايد يبلغني بأن والده المرحوم يطلبني في غرفته، قدمت مسرعًا وقلت نعم يا طويل العمر؛ فوجدته يقول لي أن الرئيس حسني مبارك طلب منه زيارة أبوظبي والعلاقات بيننا مقطوعة فما هو رأيك؟ فأجبته يا طويل العمر، تعلمنا منك شجاعة القرار ومواقف الرجولة في الحق وأنت من القلائل في الوطن العربي الذين يصنعون التاريخ ويستبقون الأحداث العظيمة ومن هذا المنطلق اقترح الاستجابة لطلب الرئيس حسني لزيارة الإمارات وكسر الحاجز النفسي لتكون سباقًا في تحقيق التقارب بين الأشقاء العرب، ثم قال لي لا تخبر أحداً من الوفد 

 والتزمت بالأمر وبعد انتهاء المؤتمر ونحن في الطائرة راجعين للعاصمة وإذ بالمرحوم الشيخ زايد يطلب معالي أحمد خليفة السويدي والوفد الرسمي المرافق يبلغهم بأنه دعا الرئيس حسني مبارك لزيارة الدولة غدًا ؛فبدأت الاستعدادات على قدم وساق واستقبل الشيخ زايد المرحوم حسني مبارك وأقيم له استقبال رسمي 

 كانت تلك الزيارة بداية للخطوة الأولى لعودة مصر للجامعة العربية التي اتخذ قرارها المرحوم الشيخ زايد قبل مايو سنة ١٩٨٩م الذي بعده مباشرة تم عودة العلاقات العربية بعد ما كانت الامارات سباقة لإعادة العلاقات مع مصر بعد انتهاء مؤتمر القمة في عمان مباشرةً 

 تلك حقيقة أخرى توضح للعالم العربي قيادة امتزجت مشاعرها بأمتها العربية تحت قيادة وأصبحت قضية الأمن القومي العربي الشغل الشاغل للمرحوم الشيخ زايد كان يتألم حينما يحدث أي خلاف بين دولتين عربيتين ويسعى بكل السبل لاحتواء الخلافات لتعود المياه إلى مجاريها كان الضمير العربي  الذي يعيش آلام وطنه العربي الكبير ويفرح لانتصاراته وتقدمه واستعداده الدائم للتضحية بكل ما يستطيع من أجل حماية الأمن القومي العربي

تحياتي والسلام

========== 

الكاتب : المفكر العربي الكبير/ علي محمد الشرفاء الحمادي

المفكر الإمارتي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي

المفكر الإمارتي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي

المفكر والأكاديمي العربي الكبير ، وواحداً من كبار السياسيين العرب. المدير الأسبق لديوان الرئاسة بدولة الإمارات العربية، ورئيس مؤسسة رسالة السلام العالمية، و الكاتب لديه رؤية ومشروع استراتيجي لإعادة بناء النظام العربي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، وينفذ مشروع عربي لنشر الفكر التنويري العقلاني وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام التي أدت إلى انتشار التطرف والإرهاب والعنف الذي يُمَارَس باِسم الدين، وقدم الكاتب للمكتبة العربية عدداً من المؤلفات التي تدور في معظمها حول أزمة الخطاب الديني وانعكاسه على الواقع العربي

 

Comments

comments