الثورة العاقلة

  • بتاريخ :
علي محمد الشرفاء الحمادى

 

 

        لقد اندفعت الجحافل البشرية من كل بقعة على ارض مصر العظيمة في كل محافظة والتحمت تحت شعار واحد (حرية ووحدة وطنية) ديمقراطية وعدالة اجتماعية) كل الأعمارنساءا ورجالا كهولا وشبابا جمعهم الأمل والتفاؤل بمستقبل كريم يحقق لهم الأمن والعدل ويرتقي بهم في حياة كريمة تمكنهم من النهوض بالوطن إلى وطن يليق بحضارة مصر وعظمة تاريخها الذي أضاء في الكون علما ونورا وانطلقت ثورة 25 يناير تهز أركان الظلم والفساد بصدور عارية وأمنيات سامية لم يرهبهم الرصاص أو يستسلموا لسقوط المئات من إخوانهموأبنائهموأقربائهم شهداء فداءا في سبيل الحرية وفي سبيل العدالة فانتصرتإرادة الحياة متسلحة بحقها في الوجود وحقها في اختيار طريق المستقبل وحقها في إعادة بناء الوطن على أسس من الكرامة والحرية والديمقراطية.

        وتحققت أهم منجزات الثورة التي أطاحت بقلعة الظلم والظلام الذي جثم على صدور المواطنين عقودا من الزمن وسقط الظلم وتساقط خلفه الكهنة وانقشعت الظلمة وسطع النور كاشفا كل الاقنعه. وماذا بعد، وما هو المطلوب في هذه المرحلة ، مرحلة العبور من الماضي البغيض إلى المستقبل الواعد بالعدل والحرية والحياة الكريمة، وكيف يجب أن يتم بناء جسر العبور للمرحلة القادمة!

أولا:  لقد وقف الجيش مع الشعب في ملحمة تاريخية فرضتها متطلبات الأمن القومي ومصلحة الوطن حماية للجبهة الداخلية والتصدي لكل أعداء الوطن وهذا الأمر يجب أن يوضع في أولويات اهتمام المجلس العسكري ومجلس الوزراء وائتلاف شباب الثورة في مرحلة من أدق مراحل التحول في تاريخ جمهورية مصر العربية من نظاماعتمد سياسة الإقصاء لكل صاحب قلم وبطش بكل المخلصين فأذاقهم أصناف العذاب وحرمهم من أبسط حقوقهم في الدفاع عن عدالة قضاياهم وسامهم سوء العذاب نظام جمع حوله أصحاب المصالح الضيقة وتآمر على ثروة الشعب المصري حتى أصبحت نهبا لقطاع الطرق وأحدث مناخا مظلما نبتت فيه طفيليات توحشت واستباحت خيرات الوطن وتسببت في تجويع ملايين المواطنين من أبناء الشعب، ضرب الفساد كل مكان وعشعشت الطفيليات في كل قطاع حتى تراجعت قدرات مصر وضعفت مقدراتها، نظام جعل التقاعس في الارتقاء بتطوير الوطن ، سياسة وهدف والتهاون في إعلاء كلمة الحق نوعا من أنواع الترف لقد تسبب في إلغاء الدور التاريخي في إفريقيا والعالم العربي ورمى بثقله السلبي على الاقتصاد المصري بفقدانه أسواق واعدة كان يمكن أن تكون مصدرا رئيسيا لاستيعاب المنتجات المصرية ومردودها من عملات صعبة على الدخل القومي، ولقد استفادت الدول المنافسة على توظيف خروج مصر من الأسواقالإفريقية في خدمة اقتصادياتها وتحقيق مصالح سياسية فيها وعلى رأس تلك الدول إسرائيل وما تشكله جمهورية مصر في الإستراتيجيةالإسرائيلية خطورة مستقبلية على تمددها الجغرافيفي العالم العربيوإفريقيا وما يمكن أن تثيره إسرائيل من إشكالات تستدرج مصر في صراع من الحبشة بشأن مياه النيل مما يشغل القيادة (السياسية والعسكرية) في هذه المرحلة في تشتيت الجهد السياسي والعسكري واختلال في أولوياتالإستراتيجية الوطنية مما يعيقها فيالمحافظة على مسار التحول الديمقراطي ليتحقق مشروع النهضة الحديثة لمستقبل مشرقا وعدم السماح تحت أي ظرف بالإخلال في الجبهة الداخلية وتحقيق مزيدا من التلاحم للوحدة الوطنية في مواجهة أعداء لا يريدون الخير لشعب مصر وأن يتم اتخاذ كافة الخطوات الضرورية في استيعاب الصالحين من أبناء الشعب المصري حتى لا يتحولون إلى طابور خامس يسعون للإضرار بمصلحة الأمن القومي وكل شيء يهون في سبيل المصلحة الوطنية العليا فلتكن العدالة والرحمة والتسامحقواعد للتعامل مع الجميع وليكن العقاب الرادع لكل من ساهم ماديا ومعنويا في الإضرار بمصلحة الشعب المصري وتلاعب بأمنه واضر بثروته ليقول القضاء كلمته فيهم ولتتجه العقول والقلوب والأيادي لوضع خارطة بناء المستقبل المشرف وتأمين الوحدة الوطنية بكل السبل بعقول مفتوحة وإدراك واع ومسؤولية تضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار.

 

ثانيا:  يتم تشكيل مجلس للتخطيط الاستراتيجي تكون مهمته وضع استراتيجيةواقتصادية وتعليمية وامنيه واجتماعية تاخذ في الاعتبار المحاور التالية:

  • في المجال الاقتصادي:

تشكل لجنة اقتصادية منبثقه من مجلس التخطيط الاستراتيجي تتولى دعوة مجموعة من الخبراء الاقتصاديون بإعداد مشروع خطة اقتصادية لمدة خمس سنوات تنهض بالاقتصاد الوطني وتوظف كافة الطاقات الاقتصادية في الدولة وكيفية تطويرها لإعطاء مردودا أفضل وعلى سبيل المثال :

أ –  قطاع البترول البتروكيماويات.

ب-  قطاع التصنيع وتطوير الإنتاج وزيادة معدلاته الإنتاجية.

ج- القطاع الزراعي وزيادة الرقعة الزراعية وعلى الأخص في ما يمكن أن يحقق الاكتفاء الذاتي في إنتاج القمح.

د- قطاع البنوك وتطويرها بحيث تكون عاملا أساسيا في التنمية الاقتصادية لتمويل المشروعات العملاقة التي تعود بالنفع على الشعب المصري.

 

  • المجال التعليمي:

 

إن ارتقاء الأمم وتقدمها يعتمد أساسا في مناهج التعليم ومدى توافقه مع أهداف تنمية المجتمع وتحديد أولويات خطة التنمية لتتوافق المخرجات مع احتياجات المجتمع للوصول به إلى تحقيق ما تصبو إليه الأمم من تحقيق مجتمع يتحقق فيه الرفاهية والكفاية والعدل ويتم فيه تأمين السكن الصحي الملائم والدخل الماديالمناسب ليستطيع الإنسان إعالة أسرته ويعيش حياة كريمة تساعده في المساهمة في تطوير المجتمع وتقدمه لتستطيع جمهورية مصر العربية أن تأخذ مكانتها بين الأمم المتقدمة.

 

  • نظام العمالة:

 

الارتقاء بمستوى العمالة من حيث التدريب في قطاعات الصناعة والزراعة واستغلال الفائض من الأيدي العاملة في تصديرها للدول العربية وغيرها كما يتطلب ذلك تكثيف المعاهد الصناعية والزراعية لمواجهة متطلبات السوق.

 

  • قطاع الاستثمار:

وضع قوانين ونظم لخلق شركات استثمار عملاقة تشارك فيها الشركات الحكومية والبنوك ومستثمرين من دول عربية وأوروبية في مشروعات إستراتيجية ذات مردود مناسب يحقق للشعب المصري أفضل استغلال لثرواته الطبيعية وخلق اكبر عدد ممكن من الوظائف بحيث تستطيع أن تستوعب تلك المشروعات عشرات الآلاف من العمال مع وضع قواعد صارمة بعدم استخدام عماله خارجية تحت أي ظرف فالكفاءات في مختلف التخصصات متوفرة في مصر.

 

  • القطاع الأمني:

إن أي تنمية اقتصادية تحتاج إلى مناخ استقرار وأمان يعيش فيه الناس امنين على أرواحهم وثرواتهم وأعمالهم مطمئنين إلى وجود مؤسسات أمنيه في دولة العدل والقانون يتساوى فيها الناس جميعا في الحقوق والواجبات ومن هنا يتطلب الأمرإعادة تأهيل ضباط الشرطة وإفرادها بمختلف الرتب من خلال معاهد متخصصة في إعداد القادة والارتقاء بالسلوك وفن الإدارةوأسلوب التعامل مع الجمهور وتقديس المسؤولية الملقاة على عاتقهم في حفظ امن الوطن والمواطنين ووضع قواعد رعاية أفراد الشرطة وأسرهم ورفع مستوى دخل الفرد ليعيش حياة كريمة تدفعه للعمل بالتفاني في تأدية واجباته الوطنية.

 

        فيا شباب مصر ويا شعب مصر العظيم أمامكم المستقبل يحثكم على رسم الطريق إليه ويدعوكم لبناء مصر المحبة ، مصر السلام ، مصر الحضارة ولتكن لنا في أنبيائنا أسوة حسنة، فنبينا محمد عليه الصلاة والسلام قوله (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) وعيسى عليه الصلاة والسلام يقول في رسالة (ليهوذا) (لتكثر لكم الرحمة والسلام والمحبة).

 

والله يحفظ مصر وشعبها وجيشها من أعدائها

 

بقــــلم:   علي محمد الشرفاء الحمادي

   مدير ديــوان الرئاسة السابق

                                                          دولة الإمارات العربية المتحدة

Comments

comments